للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا صَاعَيْ حِنْطَةٍ بِصَاعٍ، وَلَا دِرْهَمٌ بِدِرْهَمَيْنِ».

(١٥٩٤) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: «سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: أَيَدًا بِيَدٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ. فَأَخْبَرْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: أَيَدًا بِيَدٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ: أَوَقَالَ ذَلِكَ؟ إِنَّا سَنَكْتُبُ إِلَيْهِ، فَلَا يُفْتِيكُمُوهُ. قَالَ: فَوَاللهِ لَقَدْ جَاءَ بَعْضُ فِتْيَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ فَأَنْكَرَهُ، فَقَالَ:

كَأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ تَمْرِ أَرْضِنَا. قَالَ: كَانَ فِي تَمْرِ أَرْضِنَا (أَوْ فِي تَمْرِنَا) الْعَامَ بَعْضُ الشَّيْءِ، فَأَخَذْتُ هَذَا وَزِدْتُ بَعْضَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: أَضْعَفْتَ، أَرْبَيْتَ، لَا تَقْرَبَنَّ هَذَا، إِذَا رَابَكَ مِنْ تَمْرِكَ شَيْءٌ فَبِعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ الَّذِي تُرِيدُ مِنَ التَّمْرِ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: «سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا، فَإِنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: مَا زَادَ فَهُوَ رِبًا، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِمَا، فَقَالَ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَهُ صَاحِبُ نَخْلِهِ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ طَيِّبٍ، وَكَانَ تَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا اللَّوْنَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّى لَكَ هَذَا؟ قَالَ: انْطَلَقْتُ بِصَاعَيْنِ فَاشْتَرَيْتُ بِهِ هَذَا الصَّاعَ، فَإِنَّ سِعْرَ هَذَا فِي السُّوقِ كَذَا، وَسِعْرَ هَذَا كَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْلَكَ، أَرْبَيْتَ، إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَبِعْ تَمْرَكَ بِسِلْعَةٍ، ثُمَّ اشْتَرِ بِسِلْعَتِكَ أَيَّ تَمْرٍ شِئْتَ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ رِبًا أَمِ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ؟ قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بَعْدُ فَنَهَانِي، وَلَمْ آتِ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَبُو الصَّهْبَاءِ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهُ بِمَكَّةَ فَكَرِهَهُ».

(١٥٩٦) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ


٩٩ - قوله: (سألت ابن عباس عن الصرف) أي عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة، وكان المقصود من السؤال هل يجوز ذلك بالتفاضل (إنا سنكتب إليه فلا يفتيكموه) أي نمنعه عن الفتوى، لأنه أخطأ خطأ فاحشًا، حيث أفتى بجواز صرف الشيء بجنسه مع التفاضل. ثم استدل أبو سعيد - رضي الله عنه - على تحريمه بقصة التمر (فأنكره) أي شعر أنه تمر غير معروف، لكونه يختلف عن تمر المدينة (كان في تمر أرضنا العام بعض الشيء) أي من الرداءة والنقص (وزدت بعض الزيادة) أي أعطيت تمرًا أكثر منه (أضعفت) أي زدت وأكثرت (أربيت) أي فعلت فعل الربا بهذه الزيادة (إذا رابك) أي حصل لك الريب والشك فيه (فبعه) بالدراهم والنقود (ثم اشتر) بتلك الدراهم والنقود. ووجه استدلال أبي سعيد من هذا على منع الصرف المذكور ما هو مذكور في الحديث التالي. يعني أن التفاضل ما دام لا يجوز في بيع التمر بالتمر فكيف في بيع الفضة بالفضة.
١٠٠ - قوله: (فلم يريا به بأسًا) أي لم يعتقدا أن في بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب متفاضلًا حرجًا، بل رأياه جائزًا، إذا كان يدًا بيد (جاءه صاحب نخله) أي القائم بالعمل في نخله - صلى الله عليه وسلم -، وهي التي كانت له بأرض بني النضير بعد فتحها، وكان ينفق منها على أهله (هذا اللون) أي من هذا النوع، وكأنه أشار إلى نوع من التمر كان موجودًا عنده، وكان دون ذلك التمر الطيب (أربيت) أي عملت عمل الربا (فكرهه) والكراهة في أقوال السلف يطلق عمومًا على الحرام. وكأن ابن عباس اطلع على نحو هذا الحديث فرجع عما كان يقول به من جواز صرف الشيء بجنسه متفاضلًا.
١٠١ - قوله: (الربا في النسيئة) ويأتي بكلمة الحصر "إنما الربا في النسيئة" والنسيئة ما كان مؤجلًا، وهذا اللفظ =

<<  <  ج: ص:  >  >>