للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ

بْنُ إِبْرَاهِيمَ، (وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ)، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَلَاحَقَ بِي وَتَحْتِي نَاضِحٌ لِي قَدْ أَعْيَا وَلَا يَكَادُ يَسِيرُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: مَا لِبَعِيرِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: عَلِيلٌ، قَالَ: فَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَزَجَرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَالَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِبِلِ قُدَّامَهَا يَسِيرُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بِخَيْرٍ، قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ، قَالَ: أَفَتَبِيعُنِيهِ؟ فَاسْتَحْيَيْتُ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا نَاضِحٌ غَيْرُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي عَرُوسٌ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِي، فَتَقَدَّمْتُ النَّاسَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى انْتَهَيْتُ، فَلَقِيَنِي خَالِي فَسَأَلَنِي عَنِ الْبَعِيرِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ فِيهِ، فَلَامَنِي فِيهِ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي حِينَ اسْتَأْذَنْتُهُ: مَا تَزَوَّجْتَ، أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ فَقُلْتُ لَهُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا، قَالَ: أَفَلَا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلَاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُوُفِّيَ وَالِدِي (أَوِ اسْتُشْهِدَ) وَلِي أَخَوَاتٌ صِغَارٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ إِلَيْهِنَّ مِثْلَهُنَّ، فَلَا تُؤَدِّبُهُنَّ وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا لِتَقُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدِّبَهُنَّ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَهُ وَرَدَّهُ عَلَيَّ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «أَقْبَلْنَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْتَلَّ جَمَلِي، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، وَفِيهِ: ثُمَّ قَالَ لِي: بِعْنِي جَمَلَكَ هَذَا. قَالَ: قُلْتُ: لَا، بَلْ هُوَ لَكَ، قَالَ: لَا، بَلْ بِعْنِيهِ. قَالَ: قُلْتُ: لَا، بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: لَا، بَلْ بِعْنِيهِ. قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ لِرَجُلٍ


= في ذلك رفق بهما ومراعاة لمصلحتهما، فالحديث لا يدل على أزيد من أن مثل هذا الشرط - أي ما كان فيه مراعاة لمصالح العاقدين - جائز، لا أن ذلك جائز مطلقًا ولو كان فيه حرج وضيق على المشتري، ولا أن ذلك ممنوع مطلقًا. فإن فيه ردا للحديث من غير وجه وجيه.
١١٠ - قوله: (وتحتي ناضح) بنون ومعجمة ثم مهملة، هو الجمل الذي يستقى عليه، سمي بذلك لنضحه بالماء حال سقيه (عليل) أي مريض (ودعا له) للطبراني من رواية زيد بن أسلم عن جابر: "فنفث فيها - أي العصا - ثم مج من الماء في نحره، ثم ضربه بالعصا فوثب". ولابن سعد من هذا الوجه: "ونضح ماء في وجهه ودبره وضربه بعصية فانبعث، فما كدت أمسكه" (فاستحييت) أي من البيع، لأنه كان خلاف المروءة، ولا سيما بعد أن صح ونشط بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك أراد أن يهبه أولًا، فلما أبى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا البيع قال: نعم (فقار ظهره) بفتح الفاء، هو ما انتظم من عظام الصلب من لدن العنق إلى ما فوق الدبر، وأراد به هنا ركوبه، وقوله: "على أن لي فقار ظهره" واضح في اشتراط ذلك (إني عروس) يريد إني قريب العهد بالزواج. وأصل العروس الرجل والمرأة ما داما في إعراسهما، فهم عرس - بضمتين - وهن عرائس (فاستأذنته) وعند البخاري في الاستقراض "فلما دنونا المدينة استأذنته" (توفي والدي) عبد الله في غزوة أحد في شوال سنة ثلاث، والسياق يشعر بأنه تزوج بعد ذلك قريبًا حتى تقوم الزوجة على أخواته.
١١١ - قوله: (أقبلنا من مكة إلى المدينة) وكان أول سفرهم إلى مكة في عمرة الحديبية، وهذا يفيد أن ذلك وقع إما في عمرة الحديبية أو في أحد أسفاره - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة بعد ذلك أثناء رجوعه منها، وقد اختلفت الروايات في الغزوة التي وقعت فيها هذه القصة. ففي بعض طرق البخاري أن القصة وقعت في غزوة تبوك، وجزم ابن إسحاق عن وهب بن كيسان بأن ذلك كان في غزوة ذات الرقاع من نخل، وسيأتي أنه وصل في رجوعه من هذا السفر صرارًا. وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>