٣ - قوله: (الناس تبع لقريش في الخير والشر) الظاهر أنه أراد بالخير الإسلام وبالشر الجاهلية، ويجوز أن يكون المراد ما هو أعم من ذلك مما يعد خيرًا أو شرًّا من الأخلاق والأعمال. ٤ - قوله: (لا يزال هذا الأمر) أي الخلافة والإمارة (في قريش، ما بقي من الناس اثنان) وفي صحيح البخاري في الأحكام "ما بقي منهم اثنان" واستدلَّ به أهل السنة على اشتراط القرشية في الخليفة، وحكى القاضي عياض والنووي وغيرهم الإجماع عليه، وأشار الحافظ ابن حجر إلى انتقاضه بما أخرجه أحمد عن عمر بسند رجاله ثقات أنه قال: "إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته". فذكر الحديث، وفيه "فإن أدركني أجلي وقد مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل" الحديث، ومعاذ بن جبل أنصاري لا نسب له في قريش، والحقيقة أن الأحاديث الواردة في هذا الباب على أربعة أنحاء: الأول: تقييد كون الأمر في قريش بما أقاموا الدين، كما في حديث معاوية عند البخاري وغيره، الثاني: وعيد قريش باللعن إذا لَمْ يحافظوا على المأمور به من العدل وإقامة الدين. الثالث: وعيدهم بأن يسلط عليهم من يبالغ في أذيتهم إذا تغيروا وعدلوا عن الحقّ، وقد حصل ذلك في أواخر عهد بني أمية ومعظم عهد بني العباس. الرابع: الإذن في القيام عليهم وقتالهم، والإيذان بخروج الأمر عنهم، وقد حصل ذلك بتولي الأتراك الخلافة ونزعها من قريش نهائيًّا. وورود الأحاديث على هذه الأنحاء الأربعة يفيد أن ما ورد في حديث الباب ليس بأمر شرعي في صورة الخبر، بل هو إخبار عن المستقبل، وإرشاد للأمة إلى ما هو الأنسب والأولى لها في الظروف التي ترك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأمة عليها. ٥ - قوله: (لا يزال أمر الناس ماضيًا ما وليهم اثنا عشر رجلًا) قالوا اكتمل هذا العدد بخلافة عمر بن عبد العزيز، وقد بقي الدين إلى عهده عزيرًا منيعًا ساريًا في جمهور الأمة محفوظًا من البدع والخرافات مع ما لقوا من الفتن والحوادث بين وقت ووقت، ثم بدأت الطامات من الحروب والفتن والبدع والخرافات حتى تغير المنهج والسبيل، وحتى عاد أهل الحق الخالص غرباء، وفي قوله: "ما وليهم اثنا عشر خليفة" رد على الشيعة الاثني عشرية، لأنَّ =