للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخْبِرْ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: «إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي! قَالَ: فَلَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ فَقَالَ: وَأَنَا كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَقُولُ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ.»

(٢٢٦٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.»

(٢٢٦٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ». قَالَ: وَأُحِبُّ الْقَيْدَ، وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ فَلَا أَدْرِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ.


٦ - قوله: (إذا اقترب الزمان) قيل: المراد اعتدال الليل والنهار، وقيل: بل قرب يوم القيامة، وهذا الثاني أظهر، ويؤيده أن الترمذي رواه بلفظ "في آخر الزمان لا تكذب رؤيا المؤمن" (ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءًا من النبوة) في عامة الروايات "ستة وأربعين" وهو الذي رواه البخاري، فهو الأرجح. وقد وجه بعضهم هذا بأن مدة نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ثلاث وعشرون سنة، ومدة الرؤيا الصادقة منها ستة أشهر، فصارت جزءًا من ستة وأربعين جزءا، ولكن لم يقتنع العلماء بهذا التوجيه، وقالوا: هذا حال يختص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمذكور في الحديث رؤيا المسلم أو المؤمن عامة، فقالوا: إن سر هذا العدد لم يعرف، وكونها جزءًا من النبوة لا يستلزم بقاء النبوة، إذ بقاء الجزء لا يستلزم بقاء الكل، نعم فيه بيان خطورة أمر الرؤيا من حيث أنها إشارة إلى بعض ما يقع في المستقبل (فرؤيا الصالحة) من إضافة الموصوف إلى صفته (فليقم فليصل) وبهذا تتم آداب دفع شر الرؤيا السيئة ستة بضم ما مضى في الأحاديث السابقة. وهي التعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان، وأن يتفل ثلاثًا حين يهب من النوم، ويتحول عن جنبه الذي كان عليه، ولا يذكرها لأحد، ويقوم يصلي (وأحب القيد) لأن القيد يمنع عن المشي، ففيه إشارة إلى أن إيمانه يمنعه عن المشي إلى الباطل (وأكره الغل) بضم الغين، وموضعه العنق، وإنما كرهه لأنه من صفات البخيل والكفار وأهل النار قال تعالى في البخل: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء: ٢٩] وقال: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} [المائدة: ٦٤] وقال في صفة الكفار: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ} [يس: ٨] وقال في أهل جهنم: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا} [الإنسان: ٤] وقال: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} [الحاقة: ٣٠] وقال: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ} [غافر: ٧١].

<<  <  ج: ص:  >  >>