للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٣٨١) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ قَالَ: «نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ! فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا».

(٢٣٨٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ! فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى، فَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا! قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ يَوْمًا» - بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.

(٢٣٨٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا،


١ - قوله: (ونحن في الغار) أي في الغار الذي في جبل ثور، وهو جبل كبير مرتفع، في جهة اليمن جنوب مكة، على بعد نحو خمسة أميال منها، وكان قد كمن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ثلاث ليال حين خرجا للهجرة، وجد المشركون في الطلب، وتتبعوا آثار أقدامهما حتى وصلوا إلى شفير الغار، وحينئذ قال أبو بكر ما هو مذكور في الحديث. ثم ردهم الله خائبين، ولم يطلعوا عليهما (الله ثالثهما) أي معينهما وناصرهما.
٢ - قوله: (زهرة الدنيا) أي نعيمها وأعراضها (فبكى أبو بكر وبكى) التكرار يدل على الإكثار من البكاء (وكان أبو بكر أعلمنا به) حيث فهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد بذكر العبد نفسه، وكأن أبا بكر رضي الله عنه فهم هذا الرمز من قرينة ذكره - صلى الله عليه وسلم - ذلك في مرض موته، واستشعر منه أنه أراد نفسه. ولذلك بكى وبكى (إن أمَنَّ الناس) أمَنَّ أفعل تفضيل من المن بمعنى العطاء والبذل، أي إن أبذل الناس لنفسه وماله (خليلا) من الخلة بالضم، وهي الاستصفاء والاختصاص بالمحبة (ولكن أخوة الإسلام) أي حاصلة وكفت، والصحابة وإن كانوا مشتركين في هذه الأخوة، ولكن ظهر رجحان أبي بكر بتخصيصه بالذكر في هذا السياق، وهو سياق تمني الخلة مع مواقف وسوابق أخرى له، ومعلوم أن أخوة الإسلام ومودته متفاوتة بين المسلمين في نصر الدين وإعلاء كلمة الحق وتحصيل كثرة الثواب، ولأبي بكر رضي الله عنه من ذلك أعظمه وأكثره (خوخة) بفتح فسكون، هي باب صغير، قد يكون بمصراع وقد لا يكون، وأصلها طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء، وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها. قد ورد لفظ "باب" بدل خوخة، ولا يطلق عليها باب إلا إذا كانت تغلق.
٣ - قوله: (وقد اتخذ الله صاحبكم خليلًا) يريد به النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>