للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٥٧٩) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.»

(٢٥٨٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.»

(٢٥٨١) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ، وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ.»

(٢٥٨٢) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ.»


= أيديهم وبأيمانهم، وإنما يصير الظلم ظلمات لأن المعصية فيه أشد من غيرها، لأنه لا يقع غالبًا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، فتظلم أمام عينيه الدنيا، ولا يجد سبيلًا للخروج من ظلم الظالم، فيجازى الظالم بمثل ذلك، فتكون المجازاة من جنس العمل، قيل: ويحتمل أن تكون الظلمات بمعنى الشدائد، وهذا المعنى لازم للظلمات وناتج عنها (الشح) بضم فتشديد، هو الحرص مع البخل. وقوله: (حملهم على أن سفكوا دماءهم ... إلخ) بيان للهلاك الذي أوقع فيه الشح.
٥٨ - قوله: (لا يظلمه) خبر بمعنى الأمر، فإن ظلم المسلم للمسلم حرام (ولا يسلمه) بضم الياء، يقال: أسلم فلان فلانًا، إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه، فالمعنى أنه لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه، وهذا أخص من ترك الظلم (ومن فرج) بتشديد الراء، أي كشف وأزال (كربة) بضم فسكون، أي غمة، والكرب بفتح فسكون هو الغم الذي يأخذ النفس، وكرب بضم ففتح جمع كربة، وكشف الكربة قد يكون بالمال، وقد يكون بالجاه، وقد يكون بالمشورة، وقد يكون بالتأييد والمساعدة، وقد يكون باستعمال القوة، فهو يختلف باختلاف الظروف والأحوال (ومن ستر مسلمًا) بأن رآه على قبيح فلم يظهره على الناس، بل أنكر عليه على سبيل النصح فيما بينه وبينه، أما المصر المجاهر فيجوز بيان حاله، بل ربما يجب، وقاية للناس من شره، كما أنه يرفعه إلى الحاكم للقضاء عليه.
٥٩ - قوله: (المفلس) من الإفلاس، وهو من لا فلوس له، ففيه معنى سلب المادة، وهو من خاصية باب الإفعال، وقد انتقل النبي - صلى الله عليه وسلم - من معناه المعروف إلى معنى آخر مجازي أقوى وأروع من معناه الحقيقي لجامع المناسبة، وهي إعدام المتاع عندما يكون صاحبه في أشد حاجة إليه، وترتب الخسران والهلاك على هذا الإعدام، وحيث إن هذا المعنى أقوى وأشد في مفلس الآخرة، فقد جعل هو المفلس الحقيقي، وجعل مفلس الدنيا بمنزلة المجاز، وهذا من قلب التشبيه، وهو من التعبيرات البديعة النادرة، وأروع وأوقع في النفوس (طرحت) أي ألقيت.
٦٠ - قوله: (يوم القيامة) أي إن لم تؤدوها في الدنيا (حتى يقاد) أي يؤخذ القود، وهو القصاص (للشاة الجلحاء) =

<<  <  ج: ص:  >  >>