للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِمْتِ أَوْ مَا رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ يُونُسَ: احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ.

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ. (ح) وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ وَمَعْمَرٍ بِإِسْنَادِهِمَا. وَفِي حَدِيثِ فُلَيْحٍ: «اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ» كَمَا قَالَ مَعْمَرٌ وَفِي حَدِيثِ صَالِحٍ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ كَقَوْلِ يُونُسَ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ صَالِحٍ قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ وَتَقُولُ: فَإِنَّهُ قَالَ:

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

وَزَادَ أَيْضًا قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللهِ. وَفِي حَدِيثِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: مُوعِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مُوغِرِينَ


= الْفَضْلِ} أي أولو المال (أحمي سمعي وبصري) من الحماية، أي أصونهما فلا أنسب إليهما ما لم أسمع ولم أبصر (كانت تساميني) أي تفاخرني وتعاليني، من السمو، وهو العلو والارتفاع، أي كانت تقابلني في الحظوة والمنزلة عند النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فعصمها الله بالورع) هذا بيان من عائشة رضي الله عنها بشدة ورع زينب رضي الله عنها كما أن زينب قالت فيها: ما علمت إلَّا خيرًا، فهو يدلُّ على ما كان عليه أزواج النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رحابة الصدر وسمو التفكير والالتزام بالحق، والقول به على رغم التنافس والغيرة (تحارب لها) أي تجادل لها وتتعصب، إذ كانت تحكي ما قال أهل الإفك لتنخفض منزلة عائشة وتعلو مرتبة أختها زينب (احتملته الحمية) أي بدل اجتهلته، ومعنى احتملته: أغضبته.
٥٧ - قوله: (أن يسب عندها حسان) لأجل قوله بالإفك وخوضه فيه، وإنما كرهت سبه لكونه قد دافع عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونافح عنه، وبالغ في هجاء المشركين تأييدًا للإسلام والمسلمين، فرأت عمله هذا أقوى وأغلب من زلة الإفك التي وقع فيها، ولأنه اعتذر بعد نزول القرآن عن قوله، ومدحها كفارة لما سبق منه (عن كنف أنثى قط) كنف بفتحتين: الثوب الساتر، وهو كناية عن عدم جماعه النساء مطلقًا لا حلًّا ولا حرامًا، وقد روي أنه كان حصورًا لا يستطيع أن يأتي النساء، ولكنه غير صحيح فقد روى أبو داود وغيره أن امرأته شكت إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه يضربها إذا صلت، ويفطرها إذا صامت، ولا يصلي الفجر حتى تطلع الشمس، فاعتذر صفوان بأنها تقرأ سورتين، وتصوم متتابعًا، وهو شاب لا يصبر، وأنه من أهل بيت لا يكادون يستيقظون إلَّا مع طلوع الشمس، فزواجه وعدم صبره طويلًا عن الزوجة دليل على رجولته، فالذي قاله يحمل على أنَّه قاله قبل أن يتزوج، لا أنه كان حصورًا (قتل ... شهيدًا) ذكر ابن إسحاق أنه استشهد في غزاة أرمينية في خلافة عمر سنة تسع عشرة، وقيل: بل عاش إلى سنة أربع وخمسين، واستشهد بأرض =

<<  <  ج: ص:  >  >>