للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللهِ، دَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْهُ، فَإِنْ يَكُنِ الَّذِي تَخَافُ لَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ.»

(٢٩٢٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «لَقِيَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ فَقَالَ هُوَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آمَنْتُ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ. مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَرَى عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ. وَمَا تَرَى؟ . قَالَ: أَرَى صَادِقَيْنِ وَكَاذِبًا، أَوْ كَاذِبَيْنِ وَصَادِقًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لُبِسَ عَلَيْهِ دَعُوهُ.»

(٢٩٢٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «لَقِيَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ صَائِدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَابْنُ صَائِدٍ مَعَ الْغِلْمَانِ»، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْجُرَيْرِيِّ

(٢٩٢٧) حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «صَحِبْتُ ابْنَ صَائِدٍ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ لِي: أَمَا قَدْ لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ يَزْعُمُونَ أَنِّي الدَّجَّالُ؟ أَلَسْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ بَلَى. قَالَ: فَقَدْ وُلِدَ لِي. أَوَلَيْسَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَقَدْ وُلِدْتُ بِالْمَدِينَةِ، وَهَذَا أَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي فِي آخِرِ قَوْلِهِ: أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَوْلِدَهُ وَمَكَانَهُ وَأَيْنَ هُوَ. قَالَ: فَلَبَسَنِي.»


= تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: ١٠] (فقال: دخ) بضم الدال وتشديد الخاء، قيل: وبفتح الدال أيضًا، لغة في الدخان، وكأنها كلمة مشطوبة من الدخان، ومعناه أنه لم يهتد إلى كامل اللفظ فضلًا عن أن يهتدي إلى كامل الآية الخبيئة، وهذا هو حال الكهان، يلقي إليهم الشياطين بعض الكلمات المختطفة، ولا يستطيعون أن يأتوا بالحديث على وجهه، واستدل به على أن أمره لا يجاوز أمر الكهان، ولذلك قال: (اخسأ) أي كن خاسئا ذليلًا (فلن تعدو) أي تتجاوز (قدرك) أي درجتك من كونك على أحوال الكهان الذين يدعون معرفة الغيب ولا يعرفونه، وإنما يعرفون مثل الدخ من آية الدخان، بخلاف الأنبياء، فالله يوحي إليهم من الغيب ما يشاء، فيعرفونه واضحًا كاملًا غير مشطوب. وكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصد بامتحانه إظهار أحواله للصحابة، ليعرفوا أنه كاهن ساحر، يأتيه الشيطان كما يأتي إلى الكهان.
٨٧ - قوله: (لبس عليه) بتخفيف الباء مبنيًّا للمفعول، أي خلط عليه أمره حيث اختلط الصدق بالكذب، فلم يهتد للحق والصواب.
٨٩ - قوله: (أما قد لقيت من الناس) أي إنهم قالوا فيَّ ما أتأذى به (قال: فلبسني) أي أوقعني في اللبس والشك من أمره، لأنه على آخر قوله يمكن أن يكون هو الدجال المعهود، ولا يمنع من ذلك كونه قد أسلم ودخل مكة وسكن المدينة، لأنه إنما يكون كافرًا حين يظهر بفتنته، وحينئذ يمنع عن الدخول في مكة والمدينة. ولكن هذا مجرد احتمال، وقد قضى حديث تميم الداري الآتي على هذا الاحتمال، فالصحيح أن ابن صياد لم يكن بالدجال المعهود المنذر به في الأحاديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>