للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ، ثُمَّ قَالَ: أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ؟ فَقَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِ يُونُسَ وَمِثْلِ حَدِيثِهِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ صَالِحٍ: وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ.

(٢٩٦٢) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْعَامِرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رَبَاحٍ، (هُوَ أَبُو فِرَاسٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ)، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ؟ . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللهُ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، تَتَنَافَسُونَ

ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ، ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ، ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ، فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ.»


= (صالح أهل البحرين) سنة تسع بعد مرجعه من الجعرانة، فقد أرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى عامل البحرين يدعوه إلى الإسلام فأسلم، وصالح مجوس تلك البلاد على الجزية، واسم الحضرمي عبد الله بن مالك بن ربيعة، وكان من أهل حضرموت، فقدم مكة فحالف بها بني مخزوم (فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين) وكان مائة ألف درهم (فتعرضوا له) كأنهم ذكروا المال ولم يصرحوا بالسؤال (فقالوا: أجل) أي نعم وزنًا ومعنى (فأبشروا) بحصول المقصود (وأملوا) بتشديد الميم المكسورة، أي ارجوا (ما الفقر أخشى عليكم) أي لست أخشى عليكم أن فقركم يضيع دينكم (فتنافسوها) أي تتنافسوا في الدنيا، وهو أن يحاول كل أحد أن يتقدم على الآخرين ويفوقهم فيها، ويخلفهم أي يتركهم خلفه.
(. . .) قوله: (وتلهيكم) إفعال من اللهو، أي توقعكم في اللهو عن الدين.
٧ - قوله: (أي قوم أنتم؟ ) أي كيف تكونون في أعمالكم وفي سلوككم فيما بينكم؟ (نقول كما أمرنا الله) أي نحمده، ونشكره، ونسأله المزيد من فضله، وننفق في سبيله، ونواسي إخواننا الفقراء والمساكين، ونتبادل فيما بيننا بالهدايا والتحائف (تتنافسون) فيحب كل منكم أن ينفرد بالخيرات دون غيره (ثم تتحاسدون) فيحب كل منكم أن تزول نعمة أخيه، ويتولد ذلك التحاسد لأجل التنافس (ثم تتدابرون) أي تتقاطعون، فيولي كل واحد منكم دبره عن أخيه ويعرض، وهذا التدابر يتولد من التحاسد (ثم تتباغضون) ينشأ بينكم البغض بدل المودة والحب، وهذا البغض يتولد لأجل التدابر (فتجعلون بعضهم على رقاب بعض) أي تغرونهم حتى يقاتل بعضهم بعضًا، وذلك بأن يتخذ كل ذي ثروة منكم حواشي من هؤلاء الضعفاء والمساكين يستخدمهم لكسر شوكة منافسيه. وقد وقع كل ذلك في هذه الأمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>