لئلا يكون كاذبًا على شيخه، فإن أراد تعريفه وإيضاحه، وزوال اللبس المتطرق إليه، لمشابهة غيره، فطريقه أن يقول: قال حدثني فلان يعني ابن فلان أو الفلاني، أو هو ابن فلان أو الفلاني، ونحو ذلك، فهذا جائز حسن، قد استعمله الأئمة، وقد أكثر البخاري ومسلم منه في الصحيحين غاية الإكثار، حتى إن كثيرًا من أسانيدهما يقع في الإسناد الواحد منها موضعان أو أكثر من هذا الضرب، كقوله في أول كتاب البخاري، في باب من سلم المسلمون من لسانه ويده: قال أبو معاوية: حَدَّثَنَا داود، هو ابن أبي هند، عن عامر قال سمعت عبد الله، هو ابن عمرو. وكقوله في كتاب مسلم، في باب منع النساء من الخروج إلى المساجد: حَدَّثَنَا عبد الله بن مسلمة: حَدَّثَنَا سليمان، يعني ابن بلال، عن يحيى، وهو ابن سعيد ونظائره كثيرة.
وإنما يقصدون بهذا الإيضاح، كما ذكرنا أولا، فإنه لو قال: حَدَّثَنَا داود أو عبد الله لَمْ يعرف من هو، لكثرة المشاركين في هذا الاسم، ولا يعرف ذلك في بعض المواطن إلَّا الخواص والعارفون بهذه الصنعة، وبمراتب الرجال، فأوضحوه لغيرهم، وخففوا عنهم مؤونة النظر والتفتيش.
وهذا الفصل نفيس يعظم الانتفاع به، فإن من لا يعاني هذا الفن قد يتوهم أن قوله "يعني" وقوله "هو" زيادة لا حاجة إليها، وأن الأولى حذفها، وهذا جهل قبيح والله أعلم.
فصل: في ضبط جملة من الأسماء المتكررة في صحيحي البخاري ومسلم المشتبهة، فمن ذلك "أُبَيّ" كله بضم الهمزة وفتح الباء وتشديد الياء إلَّا "آبي اللحم" فإنه بهمزة ممدودة مفتوحة، ثم باء مكسورة، ثم ياء مخففة؛ لأنه كان لا يأكل اللحم، وقيل: لا يأكل ما ذبح على الأصنام.
ومنه "البراء" كله مخفف الراء إلَّا أبا معشر البرّاء، وأبا العالية البرّاء، فبالتشديد وكله ممدود.
ومنه "يزيد" كله بالمثناة من تحت والزاي إلَّا ثلاثة، أحدهم بريد بن عبد الله بن أبي بردة، بضم الموحّدة وبالراء والثاني محمد بن عرعرة بن البرند بالموحدة والراء المكسورتين، وقيل: بفتحهما، ثم نون، والثالث علي بن هاشم بن البريد، بفتح الموحّدة وكسر الراء ثم مثناة من تحت.
ومنه "يسار" كله بالمثناة والسين المهملة، إلَّا محمد بن بشار شيخهما، فإنه بالموحدة ثم المعجمة. وفيهما سيار بن سلامة وابن أبي سيار بتقديم السين.