للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي (ح) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ. كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ. وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ قَتَادَةَ مِنَ الزِّيَادَةِ «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ إِلَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ وَحْدَهُ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ أُخْتِ أَبِي النَّضْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. فَقَالَ مُسْلِمٌ: تُرِيدُ أَحْفَظَ مِنْ سُلَيْمَانَ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَ: هُوَ صَحِيحٌ - يَعْنِي وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا -. فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ. فَقَالَ: لِمَ لَمْ تَضَعْهُ هَا هُنَا؟ قَالَ: لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٍ وَضَعْتُهُ هَا هُنَا، إِنَّمَا وَضَعْتُ هَا هُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ.


٦٣ - قوله: (وإذا قرأ فأنصتوا) أجمع أكثر الحفاظ أن هذا وهم من الراوي وأنه ليس بصحيح، منهم البخاري وأبو داود وأبو حاتم وابن معين والحاكم والدارقطني وابن خزيمة ومحمد بن يحيى الذهلي والحافظ أبو علي النيسابوري والحافظ علي بن عمرو البيهقي وصححه أحمد ومسلم، ولا شك أن عدد المضعفين أكثر من عدد من صححه بأضعاف، فيقدم تضعيفهم على تصحيح مسلم ومن وافقه، وقد استدل به الحنفية على عدم جواز القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية، وهو استدلال غير ناهض لضعف هذا اللفظ وكونه وهمًا من الراوي، ولأن الإنصات هو السكوت مع الإصغاء والاستماع، فلا وجود للإنصات إلا إذا جهر الإمام بالقراءة فخرجت بذلك الصلوات السرية، ثم الإنصات لا يكون إلا حال قراءة الإمام، وهو لا ينافي قراءة المأموم في سكتات الإمام إذا جهر، بل لا منافاة في السكوت والقراءة سرًّا. قال أبو هريرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول فيها، قال: "اللهم باعد بيني. . . إلخ" فجمع بين السكوت والقول سرًّا، فالمأموم يسكت ويستمع ويقرأ سرًّا، وأحسن صوره أن يتابع بقراءته قراءة الإمام فيكون منصتًا ومستمعًا وقارئًا، وظهر بهذا أن قوله: "وإذا قرأ فأنصتوا" لا يدل على نهي المأموم عن القراءة، لا في السرية ولا في الجهرية.
قوله: (قال أبو إسحاق) هو إبراهيم بن سفيان تلميذ الإمام مسلم وراوي هذا الكتاب عنه. قوله: (قال أبو بكر ابن أخت أبي النضر في هذا الحديث) أي تكلم فيه وجرحه وطعن في صحته لأجل أن قوله: "وإذا قرأ فأنصتوا" تفرد به سليمان التيمي عن قتادة، ولم يروه عنه غيره ممن رووا هذا الحديث عن قتادة. قوله. (فقال مسلم: تريد أحفظ من سليمان؟ ) يعني: أن سليمان حافظ متقن فلا تضره مخالفة غيره، وهذا الجواب غير مقنع، إذ الحافظ أيضًا قد يهم فتفرده من بين الثقات بكلمة تخالف الأحاديث الصحيحة دليل على عدم ضبطه لتلك الكلمة ووهمه فيها، أما حديث أبي هريرة بزيادة "وإذا قرأ فأنصتوا" والذي صححه الإمام مسلم فقد تفرد بها ابن عجلان لم يتابعه عليها أحد من الثقات، وقد روي حديث أبي هريرة هذا بالأسانيد الصحيحة الكثيرة ليس في واحد منها هذه الزيادة، وابن عجلان مدلس سيء الحفظ، وقد روى عن زيد بن أسلم معنعنا فلا يجوز الحكم بصحته، وروى هذه الزيادة عن ابن عجلان أبو خالد الأحمر وهو أيضًا كان صدوقًا سيء الحفظ ولم يكن حجة. وقد ضعف هذه الزيادة الأئمة الكبار: البخاري وأبو داود وأبو حاتم وابن معين وابن خزيمة والحاكم والدارقطني والبيهقي وغيرهم، وأجمعوا على أن هذه اللفظة - "وإذا قرأ فأنصتوا" - خطأ في الحديث، ولا شك أن اجتماع هؤلاء الحفاظ النقاد على تضعيفها مقدم على تصحيح مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>