٢٢٩ - قوله: (يكف) وفي نسخة: (يكفت) بكسر الفاء أي يضم ويجمع - من الكفت - وهو الضم والجمع، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات: ٢٥] أي تجمع الناس في حياتهم وبعد موتهم، وهو بمعنى الكف في الروايات السابقة. ٢٣٠ - قوله: (وأشار بيده على أنفه) وهذا دليل على أنَّ الجبهة والأنف بمنزلة عضو واحد في مسألة السجود، وقد صرح بذلك في بعض الروايات، ففي رواية للنسائي في آخرها: قال ابن طاوس: ووضع يده على جبهتهِ وأمرَّها على أنفه، وقال: "هذا واحد" وهذه رواية مفسرة. واختلفوا في وجوب السجود على الأنف، فعند أحمد في رواية وابن حبيب من المالكية وسعيد بن جبير وإسحاق وأبي خيثمة وهو قول للشافعي أنه يجب الجمع بين الجبهة والأنف في السجود فلا يجوز عندهم الاقتصار على أحدهما، وقال أحمد في رواية أخرى ومالك والشافعي وعطاء وطاوس وابن سيرين وصاحبا أبي حنيفة: أبو يوسف ومحمد: لا يجب السجود على الأنف، بل يجوز الاقتصار على الجبهة، ولا يجوز الاقتصار على الأنف، وقال أبو حنيفة: يجوز الاقتصار على الأنف وحدها. والحق ما ذهب إليه الأولون من وجوب السجود على مجموع الجبهة والأنف، يدلُّ عليه هذا الحديث، فإن إشارته إلى أنفه تدل على أنَّه أراده، كما تدل عليه أحاديث أخرى، منها: حديث ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لَمْ يلزق أنفه مع جبهته بالأرض إذا سجد لَمْ تجز صلاته" رواه الطبراني في الكبير والأوسط. ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/ ١٢٦) وقال: رجاله موثقون وإن كان في بعضهم اختلاف من أجل التشيع. اهـ. ومنها: ما رواه عكرمة أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبهة" رواه الأثرم والإمام أحمد، ورواه أبو بكر بن عبد العزيز والدارقطني في الأفراد متصلًا عن عكرمة عن ابن عباس عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، والصحيح أنه مرسل قاله ابن قدامة في المغني. وقال ابن حجر هو مرسل، ورفعه لا يثبت اهـ. وأنت خبير بأن المرسل حجة عند الحنفية، وعند الشافعية إذا اعتضد بوجه آخر مرسل أو مسند، ومنها ما رواه إسماعيل بن عبد الله المعروف بسمويه في فوائده عن عكرمة عن ابن عباس قال: إذا سجد أحدكم فليضع أنفه على الأرض، فإنكم أمرتم بذلك، فهذه الأحاديث صريحة في وجوب وضع الأنف على الأرض مع الجبهة في السجود، ويؤيدها مواظبته - صلى الله عليه وسلم - على ذلك حتى لَمْ ينقل عنه غيره والله أعلم.