للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَوْفٍ. فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاؤُوا مُتَقَلِّدِينَ بِسُيُوفِهِمْ. قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِالْمَسْجِدِ. قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاؤُوا فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا قَالُوا: لَا، وَاللهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللهِ. قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ: كَانَ فِيهِ نَخْلٌ وَقُبُورُ الْمُشْرِكِينَ وَخِرَبٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، وَبِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ. قَالَ: فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةً وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً. قَالَ: فَكَانُوا يَرْتَجِزُونَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ:

اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ، ... ... فَانْصُرِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ -، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ.


= وكانوا أخوال عبد المطلب، لأنَّ أمه سلمى منهم، فأراد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - النزول عندهم - لما تحول من قباء - تكريمًا لهم (متقلدين بسيوفهم) أي جاعلين قلادة السيوف، وهي نجادها، على مناكبهم (وأبو بكر ردفه) بكسر الراء وسكون الدال، أي راكب معه خلفه على ناقته، وكأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أردفه تشريفًا له وتنويها بقدره، وإلا فقد كان لأبي بكر ناقة هاجر عليها (حتى ألقى) أي نزل، أو ألقى رحله (بفناء أبي أيوب) الفناء بالكسر: الناحية المتسعة أمام الدار (مرابض الغنم) هي مباركها ومواضع مبيتها جمع مربض على وزن مجلس (إنه أمر) بفتح الهمزة على البناء للفاعل وقيل: روي بالضم على البناء للمفعول (ثامنوني) أي ساوموني وقرروا معي ثمنه (بحائطكم) أي بستانكم، سمي بالبستان لما كان فيه من النخيل، وقد كان مع ذلك مربدًا، وقبه قبور وخرب، وكان لسهيل وسهل ابني عمرو، وكانا غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة (لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله) وكان ذلك هبة من أصحاب الأرض، ولكن رسول الله لَمْ يرض أن يأخذه بالهبة، ففي صحيح البخاري في مناقب الأنصار: "فأبى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لي أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما" اهـ. وذكر ابن سعد عن الواقدي عن معمر عن الزهري "أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر أن يعطيهما ثمنه" قال: وقال غير معمر: أعطاهما عشرة دنانير (خرب) بفتح فكسر جمع خربة، مثل كلم وكلمة، وحكي كسر الأول وفتح ثانيه جمع خربة كعنب وعنبة، وهو ما تخرب من الأرض أو البناء (عضادتيه) بكسر فتخفيف، تثنية عضادة، وهي الخشبة التي على كتف الباب، أي على جانبيه، ولكل باب عضادتان (يرتجزون) أي يقولون رجزًا، وهو ضرب من الشعر على الصحيح، وفيه جواز إنشاد الشعر في حال الأعمال والأسفار ونحوها، لتنشيط النفوس وتسهيل الأعمال والمشي عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>