للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ. قَالَ:

وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: ائْتِنِي بِهَا. فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ اللهُ؟ . قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ. قَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.

(٥٣٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ - وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ - قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فِي الصَّلَاةِ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا؟ ! فَقَالَ: إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا».

(٠٠٠) حَدَّثَنِي ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.

(٥٣٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلهِ قَانِتِينَ}


= وهم لا عتاب عليهم فيه، وإنما عليهم أن لا يعملوا به ولا يمتنعوا لأجله من التصرف في الأمور والمضي فيما قصدوه، ولذلك قال (فلا يصدنهم) أي لا يمنعهم عما هم فيه (ومنا رجال يخطون) يشير إلى علم الرمل، والخط عند العرب فيما فسره ابن الأعرابي: أن يأتي الرجل العراف وبين يديه غلام، فيأمره بأن يخط في الرمل خطوطًا كثيرة وهو يقول: ابنى عيان أسرعا البيان، ثم يأمره أن يمحو منها اثتين اثنين، ثم ينظر إلى آخر ما يبقى من تلك الخطوط، فإن كان الباقي منها زوجًا فهو دليل الفلج والظفر، وإن كان فردًا فهو دليل الخيبة والبأس (فمن وافق) فاعل وافق ضمير يرجع إلى "من" وقيل: فاعله خطه، أي فمن وافق خطه خط ذلك النَّبِيّ (فذاك) أي فهو مصيب، وهو تعليق بالمحال، إذ خط ذلك النَّبِيّ غير معلوم، فلا يعلم موافقته من مخالفته، والمعنى: لو وافق خط الرجل خط ذلك النَّبِيّ فهو مباح، لكن لا سبيل إلى معرفة موافقته، فلا سبيل إلى العمل بالخط (الجوانية) موضع في شمال المدينة بقرب أحد (آسف) أي أغضب وأحزن من الأسف، وهو الحزن والغضب (صككتها) أي لطمتها وضربت وجهها بيدي.
٣٤ - قوله: (فيرد علينا) أي السلام بالقول واللفظ، وكان ذلك بمكة (فلما رجعنا من عند النجاشي) أي من الحبشة إلى المدينة، وذلك حين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجهز لغزوة بدر (فلم يرد علينا) أي السلام باللفظ، فقد روى ابن أبي شيبة من مرسل ابن سيرين أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رد على ابن مسعود في هذه القصة السلام بالإشارة (إن في الصلاة لشغلًا) أي مانعًا من الكلام، قال النووي: معناه أن وظيفة المصلى الاشتغال بصلاته وتدبر ما يقوله، فلا ينبغي أن يعرج على غيرها من رد السلام ونحوه، والحديث دليل على تحريم الكلام في الصلاة، مع جواز رد السلام في الصلاة بالإشارة، وهو مذهب الشافعي والجمهور.
٣٥ - قوله: (قانتين) أي خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه، وهذا الأمر مستلزم ترك الكلام في الصلاة لمنافاته =

<<  <  ج: ص:  >  >>