للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ أَبِي عَتَّابٍ: فَلَقِيتُ أَنَا مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ: فَقَالَ عَنْ أَبِيهِ: لَمْ تَرَ أَهْلَ الْخَيْرِ

فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ مُسْلِمٌ: يَقُولُ: يَجْرِي الْكَذِبُ عَلَى لِسَانِهِمْ وَلَا يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ (١).

حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خَلِيفَةُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى غَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، فَجَعَلَ يُمْلِي عَلَيَّ: حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ، حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ. فَأَخَذَهُ الْبَوْلُ (٢) فَقَامَ فَنَظَرْتُ فِي الْكُرَّاسَةِ، فَإِذَا فِيهَا حَدَّثَنِي أَبَانُ، عَنْ أَنَسٍ، وَأَبَانُ، عَنْ فُلَانٍ، فَتَرَكْتُهُ وَقُمْتُ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ فِي كِتَابِ عَفَّانَ حَدِيثَ هِشَامٍ أَبِي الْمِقْدَامِ، حَدِيثَ (٣) عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ هِشَامٌ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: يَحْيَى بْنُ فُلَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَفَّانَ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: هِشَامٌ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا ابْتُلِيَ مِنْ قِبَلِ هَذَا الْحَدِيثِ، كَانَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ.

- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُهْزَاذَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ يَقُولُ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي رَوَيْتَ عَنْهُ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: «يَوْمُ الْفِطْرِ يَوْمُ الْجَوَائِزِ»؟ قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَجَّاجِ، انْظُرْ مَا وَضَعْتَ (٤) فِي يَدِكَ مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ قُهْزَاذَ: وَسَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ زَمْعَةَ يَذْكُرُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ - يَعْنِي: ابْنَ الْمُبَارَكِ -: رَأَيْتُ رَوْحَ بْنَ غُطَيْفٍ صَاحِبَ الدَّمِ قَدْرِ الدِّرْهَمِ (٥)، وَجَلَسْتُ


(١) وذلك لكونهم لا يعرفون صناعة أهل الحديث ودقتهم في هذا الباب، فيقع الخطأ في رواياتهم وهم لا يعرفون، ويروون الكذب وهم لا يعلمون.
(٢) قوله: (فأخذه البول) أي أزعجه وضغطه فقام عن مكانه وذهب ليبول (فنظرت في الكراسة) وهي الصحيفة - أي مجموعة أوراق - التي كان يملي منها (فإذا فيها أبان عن أنس) بدل حدثني مكحول، ولذلك تركه.
(٣) قوله: (حديث عمر بن عبد العزيز) يجوز فيه الرفع والنصب، فالرفع على تقدير هو، أي حديث هشام أبي المقدام، هو حديث عمر بن عبد العزيز، والنصب على أنَّه بدل من قوله حديث هشام، أو على تقدير أعني.
(٤) قوله: (وضعت) بفتح التاء ويجوز ضمها، قال النووي: هو مدح وثناء على سليمان بن الحجاج، قلت: بل الأرجح أنه ذم وتحذير منه؛ لأنَّ الروايات مسوقة في ذم الضعفاء والتحذير منهم، فأي مناسية لسياق رواية في وسطها، في مدح ضعيف منهم والثناء عليه! ؟ بل إنه يعود على المقصود بالنقيض، وسليمان بن الحجاج قال عنه العقيلي: الغالب على حديثه الوهم، وقال الذهبي: شيخ للدراوردي لا يعرف، عداده في أهل الطائف.
(٥) قوله: (صاحب الدم قدر الدرهم) أي الذي روى حديث "تعاد الصلاة من قدر الدرهم" يعني من الدم، وهو حديث باطل لا أصل له، رواه روح هذا عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا، وقوله: (كره حديثه) أي كراهية له.

<<  <  ج: ص:  >  >>