للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥٨٨) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ. قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ.»

(٥٨٩) وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ! فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ».

(٥٨٨) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ


١٢٨ - قوله: (وعن يحيى بن أبي كثير) عطف على قوله عن حسان بن عطية، يعني أن الأوزاعي روى هذا الحديث عن رجلين: عن حسان بن عطية بسنده، وعن يحيى بن أبي كثير بسنده. قوله: (فليستعذ بالله) ظاهره وجوب الاستعاذة، وقد ذهب إليه ابن حزم، وحمله الجمهور على الندب، ومن الدليل على هذا الندب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وليتخير من الدعاء ما شاء" أي بعد التشهد (من أربع) ينبغي أن يزاد على هذه الأربع التعوذ من المأثم والمغرم المذكورين في حديث عائشة الآتي (فتنة المحيا والممات) فتنة المحيا: ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا، والشهوات والجهالات، والإصرار على السيئات، وترك متابعة طريق الهدى، والوقوع في الآفات والابتلاء مع زوال الصبر والرضا، وفتنة الممات هي أمر الخاتمة عند الموت: بأن لا يوفق للتوبة والرجوع إلى الله، والإقرار بالحق والإذعان له. والعياذ بالله (ومن شر فتنة المسيح الدجال) قال القاري في المرقاة: قيل: له شر وخير، فخيره أن يزداد المؤمن إيمانًا، ويقرأ ما هو مكتوب بين عينيه من أنه كافر، فيزيد إيقانًا، وشره أن لا يقرأ الكافر ولا يعلمه، اهـ
قلت: بل شره أوسع من ذلك بكثير كما هو معروف.
١٢٩ - قوله: (من المأثم والمغرم) المأثم: الإثم، أو كل ما يفضي إلى الإثم، والمغرم: الدين. قيل: المراد به ما يستدان فيما لا يجوز، أو فيما يجوز ثم يعجز عن أدائه، ويحتمل أن يراد به ما هو أعم من ذلك، وقد استعاذ - صلى الله عليه وسلم - من غلبة الدين، قاله الحافظ في الفتح (فقال له قائل) وفي رواية للنسائي أن السائل عن ذلك عائشة رضي الله عنها (إذا غرم) أي استدان واتخذ ذلك دأبه وعادته (حدث فكذب) لأنه إذا تقاضاه رب الدين، ولم يكن له ما يؤدي به دينه، يكذب ليتخلص منه (وإذا وعد) بأنه يعطيه في مدة كذا (أخلف) في وعده لعدم قدرته على الأداء، والحاصل أن الدين يفضي بصاحبه إلى شر الخصال المذمومة، فكان - صلى الله عليه وسلم - يكثر من الاستعاذة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>