للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي فِي السَّفِينَةِ نُزُولًا فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَتَنَاوَبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ. قَالَ أَبُو مُوسَى: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَصْحَابِي وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِي أَمْرِهِ حَتَّى أَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ. فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ: عَلَى رِسْلِكُمْ أُعْلِمُكُمْ، وَأَبْشِرُوا أَنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ أَوْ قَالَ: مَا صَلَّى هَذِهِ السَّاعَةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ، لَا نَدْرِي أَيَّ الْكَلِمَتَيْنِ قَالَ. قَالَ أَبُو مُوسَى: فَرَجَعْنَا فَرِحِينَ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

(٦٤٢) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيُّ حِينٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُصَلِّيَ الْعِشَاءَ الَّتِي يَقُولُهَا النَّاسُ الْعَتَمَةَ إِمَامًا وَخِلْوًا؟ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَعْتَمَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ الْعِشَاءَ. قَالَ: حَتَّى رَقَدَ نَاسٌ وَاسْتَيْقَظُوا وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: الصَّلَاةَ! فَقَالَ عَطَاءٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ الْآنَ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى شِقِّ رَأْسِهِ، قَالَ: لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا كَذَلِكَ. قَالَ: فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً كَيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ؟ فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ، ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ، ثُمَّ صَبَّهَا يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الْأُذُنِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ، ثُمَّ عَلَى الصُّدْغِ


٢٢٤ - قوله: (الذين قدموا معي في السفينة) وكانوا نازلين عند النجاشي بالحبشة، فلما وصل كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي بعد الحديبية قدم مهاجرو الحبشة إلى المدينة في سفينتين، فكان أبو موسى وأصحابه في سفينة، ووصلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد افتتح خيبر (نزولًا في بقيع بطحان) أي نازلين فيه، وبطحان واد بالمدينة كما تقدم، والبقيع كل مكان متسع من الأرض يكون فيه أشجار أو أصولها، وبقيع بطحان موضع خاص بالمدينة (يتناوب) فاعله نفر، أي كان يأتيه نفر في ليلة ونفر آخر في ليلة أخرى (وله بعض الشغل) كان هذا الشغل في تجهيز جش (ابهار الليل) أي كثرت ظلمته، وذهبت عامته، وقيل: انتصف (على رسلكم) بكسر الراء وفتحها، أي قفوا وتأنوا. وابقوا على هيئتكم.
٢٢٥ - قوله: (خلوا) بكسر الخاء بعدها لام ساكنة، أي منفردًا (واضعًا يده على شق رأسه) أي على جانب رأسه، وذلك ليعصر شعره من الماء (فبدد لي عطاء بين أصابعه) أي فرقها وأبعد كل واحدة منها عن الأخرى (شيئًا من تبديد) أي قليلًا من التفريق والإبعاد (على قرن الرأس) أي على جانبه (ثم صبها) أي أمضى تلك الأصابع، يصف عصر الماء من الشعر باليد، وفي رواية البخاري "وضمها" أي ضم تلك الأصابع بعد أن وضعها على قرن الرأس مفرقة، وهو أوضح من رواية مسلم (ثم على الصدغ) أي ثم أمر أصابعه على الصدغ، وهو بالضم فالسكون: ما بين العين والأذن، ويطلق على الشعر المتدلى في هذا المكان، وهو المراد هنا (لا يقصر ولا يبطش) قيل معناه: لا يبطىء ولا يستعجل، وقيل: بل معناه: لا يقصر في إجراء أصابعه لعصر الماء، ولا يأخذ بها بقوة (إلا كذلك) أي إلا إمرارًا لطيفًا كما ذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>