= أن عثمان بن عفان كتب أنه بلغني أن رجالًا يخرجون إما لجباية وإما لتجارة وإما لجشر - لرعي الدواب - ثم لا يتمون الصلاة، فلا تفعلوا، فإنما يقصر الصلاة من كان شاخصًا أو بحضرة عدو. وروى أيضًا وصححه، أن عثمان بن عفان كتب إلى عماله: لا يصلي الركعتين جاب ولا تاجر ولا تان - صاحب ضيعة - إنما يصلي الركعتين من كان معه الزاد والمزاد. اهـ قال الإمام ابن تيمية في كتابه أحكام السفر والإقامة (ص ٤٩). وأما إتمام عثمان فالذي ينبغي أن يحمل حاله على ما كان يقول، لا على ما لم يثبت عنه، فإنه بين مذهبه، وهو أنه يقصر من كان شاخصًا، أي مسافرًا، وهو الحامل للطعام والشراب، وإذا كان نازلًا مكانًا فيه الطعام والشراب كان مترفهًا بمنزلة المقيم، فلا يقصر، لأن القصر إنما جعل للمشقة التي تلحق الإنسان، وهذا لا تلحقه مشقة. ولما عمرت منى، وصار بها زاد ومزاد لم ير القصر بها لا لنفسه، ولا لمن معه من الحاج. وأما قوله في بعض الروايات: "ولكن حدث العام" فلم يذكر فيها ما حدث، فقد يكون هذا هو الحادث؛ وإن كان قد جاءت الجهال من الأعراب وغيرهم يظنون أن الصلاة أربع، فقد خاف عليهم أن يظنوا أنها لا تفعل في مكان فيه الزاد والمزاد أربعًا، وهذا عنده لا يجوز، وإن كان قد تأهل بمكة فيكون هذا أيضًا موافقا، فإنه إنما تأهل بمكان فيه الزاد والمزاد، وهو لا يرى القصر لمن كان نازلًا بأهله في مكان فيه الزاد والمزاد، وعلى هذا فجميع ما ثبت في هذا الباب من عذره يصدق بعضه بعضًا. اهـ أقول رواية تأهل عثمان بمكة أخرجه أحمد والبيهقي وحكم عليها بالانقطاع وتبعه الحافظ في الفتح، وقال: في رواته من لا يحتج به. اهـ ثم الإتمام المذكور في هذا الحديث لا ينافي ما تقدم من حديث ابن عمر قال: ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين (أي في السفر) حتى قبضه الله. فإن هذا الإتمام كان خاصًّا بمنى، والقصر المذكور كان في بقية الأسفار.