قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في الباعث الحثيث - شرح اختصار علوم الحديث - ص ٥٢: وهذا (أي حمل الإسناد المعنعن علي السماع إذا تعاصروا مع البراءة عن وصمة التدليس) هو الذي اعتمده مسلم في صحيحه، وشنع في خطبته على من يشترط مع المعاصرة اللقي، حتى قيل: إنه يريد البخاري، والظاهر أنه يريد علي بن المديني، فإنه يشترط ذلك في أصل صحة الحديث، وأما البخاري فإنه لا يشترطه في أصل الصحة، ولكن التزم ذلك في كتابه الصحيح، وقد اشترط أبو المظفر السمعاني مع اللقاء طول الصحبة، وقال أبو عمرو الداني: إن كان معروفًا بالرواية عنه قبلت العنعنة، وقال القابسي: إن أدركه إدراكا بينا، انتهى. قلت: قد تبين بهذا أن البخاري لم يشترط اللقي في أصل الصحة، بل هذا تشديد منه على نفسه في كتابه الصحيح فقط، وأن مسلما لم يرد - بما تقدم - الرد على البخاري، بل أراد الرد على علي بن المديني شيخ البخاري، لأنه اشترط ذلك في أصل الصحة، والله أعلم.