للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَرَآ فَحَسَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَأْنَهُمَا، فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ غَشِيَنِي ضَرَبَ فِي صَدْرِي، فَفِضْتُ عَرَقًا وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرَقًا، فَقَالَ لِي: يَا أُبَيُّ، أُرْسِلَ إِلَيَّ أَنْ اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّانِيَةَ: اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ. فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّالِثَةَ: اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُنِيهَا. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي، وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إِلَيَّ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ حَتَّى إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَرَأَ قِرَاءَةً وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.

(٨٢١) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ (ح) وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ. قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَقَالَ: أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ إِنَّ اللهَ


= رجل كيفما شاء (ما قد غشيني) أي اعتراني وحصل لي من وسوسة الشيطان ونزغته (ضرب في صدري) تثبيتًا لي (ففضت عرقًا) بكسر الفاء الثانية وسكون الضاد المعجمة، أي فاض عرقي يعني جرى وسال من جميع البدن، من فاض الماء يفيض فيضًا إذا كثر حتى سال (وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقًا) فرقًا بفتحتين أي خوفًا. قال الطيبي: كان أبي رضي الله عنه من أفضل الصحابة ومن المؤقنين، وإنما طرأ عليه ذلك التلويث بسبب الاختلاف نزغة من الشيطان، فلما أصابته بركة ضربه - صلى الله عليه وسلم - بيده على صدره ذهبت تلك الهاجسة وخرجت مع العرق فرجع إلى اليقين، فنظر إلى الله تعالى خوفًا وخجلًا مما غشيه من الشيطان (أن هون) من التهوين، أي يسر وسهل (مسألة تسألنيها) أي مسألة محققة الإجابة أي مسألة كانت. وهذا يعني أن غيرها من الأسئلة والدعوات مرجوة الإجابة وليست بقطعية الإجابة (وأخرت الثالثة) أي المسألة الثالثة، وهي الشفاعة الكبرى (حتى إبراهيم عليه السلام) دليل على فضل إبراهيم عليه السلام على سائر الأنبياء سوى نبينا - صلى الله عليه وسلم -. وقد ذكرت الردة في هذا الحديث مرتين، وهما الثانية والثالثة بعد الإرسال لأول مرة، وذكرت المسألة ثلاثًا فلا مطابقة بينهما، وإنما وقع ذلك من تصرف بعض الرواة وإهماله إحدى المرات. وهي مذكورة في رواية أبي الآتية، فقد صرح فيها بأنه أمر بقراءة سبعة أحرف في المرة الرابعة. وهي الردة الثالثة.
٢٧٤ - قوله: (أضاة بني غفار) بفتح الهمزة والضاد المعجمة بغير همز وآخره تاء تأنيث، هو مستنقع الماء كالغدير، وجمعه أضا كعصا، مثل حصاة وحصا، وقيل: إضاء بالمد والهمز كإناء، مثل أكمة وإكام. وهو موضع بالمدينة النبوية ينسب إلى بني غفار - بالكسر فالتخفيف - لأنهم نزلوا عنده (إن أمتي لا تطيق ذلك) لأنهم مختلفون في أداء الكلمات وكيفية النطق بها، نشأ على ذلك الصغير، وجرى عليه الكبير، فيشق عليهم الالتزام بحرف واحد غاية المشقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>