للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي ظُهُورِهَا، وَلَا رِقَابِهَا فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ، فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِ، أَوِ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ، وَكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أَرْوَاثِهَا، وَأَبْوَالِهَا حَسَنَاتٌ، وَلَا تَقْطَعُ طِوَلَهَا، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا وَأَرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ وَلَا مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهَرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهَا إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْحُمُرُ؟ قَالَ: مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الْحُمُرِ شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْفَاذَّةُ الْجَامِعَةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ إِلَى آخِرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا حَقَّهَا، وَذَكَرَ فِيهِ لَا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلًا وَاحِدًا، وَقَالَ: يُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ، وَجَبْهَتُهُ، وَظَهْرُهُ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ، إِلَّا أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ، وَجَبِينُهُ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ كَأَوْفَرِ مَا كَانَتْ تَسْتَنُّ عَلَيْهِ كُلَّمَا


= ظهورها) بالعارية للركوب (ولا رقابها) تأكيد وتتمة للظهور، وقيل بالقيام بعلفها وسائر مؤنها. وقيل: لم ينس شكر الله لأجل إباحة ظهورها وتمليك رقابها، وذلك بالعارية وبأن يحمل عليها منقطعا (ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام) فيه إشارة إلى أن المراد به الجهاد، فإن نفعه متعد إلى أهل الإسلام (في مرج) بفتح الميم وسكون الراء آخره جيم، أي مرعى. وفي النهاية: هو الأرض الواسعة ذات نبات كثير، يمرح فيها الدواب أي تسرح، والجار متعلق بـ "ربط" (أو روضة) عطف تفسير، أو الروضة أخص من المرعى، فهي الموضع الذي يكثر فيه الماء، فيكون فيه صنوف النبات من رياحين البادية وغيرها، فالمرج معد لرعي الدواب، والروضة للتنزه (وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات) لأن بها بقاء حياتها، ولأن أصلها قبل الاستحالة غالبًا من مال مالكها (طولها) بكسر الطاء وفتح الواو، وهو حبلها الطويل الذي شد أحد طرفيه في يد الفرس، والآخر في وتد أو غيره لتدور فيه وترعى من جوانبها، ولا تذهب لوجهها (فاستنت) بتشديد النون أي جرت بقوة، وعدت ومرجت ونشطت لمراحها (شرفًا) بفتحتين، هو العالي من الأرض، وقيل: المراد هنا طلقا أو طلقين. وقال الجزري: الشرف: الشوط والمدي (عدد آثارها) أي بعدد خطاها (وأرواثها) أي في تلك الحالة (إلَّا كتب الله له عدد ما شربت حسنات) قال الطيبي: فيه مبالغة في اعتداد الثواب، لأنه إذا اعتبر ما تستقذره النفوس وتنفر عنه الطباع فكيف بغيرها، وكذا إذا احتسب ما لا نية له فيه - وقد ورد "وإنما لكل امريء ما نوى" - فما بال ما إذا قصد الاحتساب فيه. قال ابن الملك: فالحاصل أنه يجعل لمالكها بجميع حركاتها وسكناتها وفضلاتها حسنات. قال الحافظ: وفيه أن الإنسان يؤجر على التفاصيل التي تقع في فعل الطاعة إذا قصد أصلها، وإن لم يقصد تلك التفاصيل (فالحمر) بضمتين جمع حمار، أي ما حكمها (الفاذة) بتشديد الذال، أي المنفردة في معناها. وقيل: القليلة النظير. وقيل: النادرة الواحدة (الجامعة) أي العامة التي تتناول كل خير ومعروف.
٢٦ - قوله: (ما من صاحب كنز) الكنز المال المجموع. وقيل: المدفون، والمراد بالكنز المذكور هنا وفي القرآن والأحاديث الأخرى كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد زكاته، وأما ما أخرجت زكاته فليس بكنز (تستن عليه) =

<<  <  ج: ص:  >  >>