للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٧) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، (ح) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَاللَّفْظُ لَهُ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي شَهْرِ الْحَرَامِ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَعْمَلُ بِهِ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الْإِيمَانِ بِاللهِ ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ فَقَالَ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُقَيَّرِ، » زَادَ خَلَفٌ فِي رِوَايَتِهِ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَعَقَدَ وَاحِدَةً.


٢٣ - قوله: (وفد عبد القيس) الوفد: الجماعة المختارة من القوم يقدمون من قبله عند العظماء، ويكون إليهم المصير في المهمات، وعبد القيس: اسم قبيلة كبيرة من قبائل ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، كانت تسكن شرق الجزيرة العربية، وهي من أول من أسلم خارج المدينة، فإن أول مسجد أقيمت فيه الجمعة - بعد مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - هو مسجدهم بقرية جواثى بالبحرين، وسبب إسلامهم أن منقذ بن حيان - أحد بني غنم بن وديعة - كان متجره إلى يثرب في الجاهلية، فشخص إلى يثرب بملاحف وتمر من هجر بعد هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينا منقذ بن حيان قاعد، إذ مر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهض منقذ إليه، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه وعن قومه وعن أشرافهم، رجل رجل يسميهم بأسمائهم، فأسلم منقذ، وتعلم سورة الفاتحة واقرأ باسم ربك، ثم رحل إلى هجر، وحمل إلى جماعة عبد القيس كتابًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكتمه أيامًا، ثم اطلعت عليه امرأته، وهي بنت أشج عبد القيس المنذر بن عائذ بن الحارث، وكان منقذ يصلي فنكرته امرأته وقالت لأبيها: أنكرت بعلي منذ قدم من يثرب، أنه يغسل أطرافه ويستقبل الجهة - تعني القبلة - فيحني ظهره مرة ويضع جبينه مرة، ذلك ديدنه منذ قدم، فتلاقيا فتجاريا فوقع الإسلام في قلب الأشج، ثم ثار الأشج إلى قومه "عصر" و "محارب" بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأه عليهم فوقع الإسلام في قلوبهم، أما وفادتهم فكانت مرتين: الأولى: سنة خمس، وهي المذكورة في هذا الحديث، والثانية: في سنة الوفود سنة تسع. وقوله: (قد حالت بيننا وبينك كفار (مضر) لأنهم كانوا منتشرين في نجد كلها من شرق المدينة إلى ما يلي شرق الجزيرة العربية. قوله: (ولا نخلص إليك) أي لا نصل إليك (إلا في شهر الحرام) لأن العرب قاطبة كانوا يمتنعون عن التعرض والقتال فيه (وإقام الصلاة) هذه ثانية من الأربع والثالثة إيتاء الزكاة، والرابعة صوم رمضان، ولم يذكر الصوم هنا في الأمور الأربعة، لكنه مذكور في عامة الروايات، فعدم ذكره هنا إغفال من الراوي وليس من الاختلاف الصادر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "آمركم بأربع" والمذكور في الروايات خمس - خامسها أداء الخمس - وأجيب عنه بأنه أمرهم بأربع ثم زادهم الخامس - يعني أداء الخمس - لأنهم كانوا مجاورين لكفار مضر فكانوا أهل جهاد وغنائم، ولم يذكر الحج لأنه فرض سنة تسع وهؤلاء جاءوا سنة خمس. قوله: (وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير) الدباء - بضم الدال والمد -: القرع اليابس يخرج لبه وتجعل قشرته وعاء، والحنتم بالفتح فالسكون فالفتح: الجرار الخضر، وقيل: الحمر أيضًا، والنقير: جذع ينقر وسطه، والمقير وفي بعض الروايات المزفت - هو المطلي بالقار، وهو الزفت، وكانوا يصنعون في هذه الأواني الخمر فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الانتباذ فيها أيضًا لأنه يسرع إليه الإسكار فيها بعد أن صنعت الخمر فيها فترة، فلما تمكنوا من فهم ذلك، وأن المقصود هو الامتناع عن المسكر أباح لهم هذه الأواني ونسخ النهي فقال - صلى الله عليه وسلم -: "كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في الأسقية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا". رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>