للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْ لَقِيَ الْوَفْدَ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالَ سَعِيدٌ: وَذَكَرَ قَتَادَةُ أَبَا نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي حَدِيثِهِ هَذَا «أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلَا نَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْمُرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: اعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا عِلْمُكَ بِالنَّقِيرِ؟ قَالَ: بَلَى، جِذْعٌ تَنْقُرُونَهُ، فَتَقْذِفُونَ فِيهِ مِنَ الْقُطَيْعَاءِ - قَالَ سَعِيدٌ: أَوْ قَالَ: مِنَ التَّمْرِ -، ثُمَّ تَصُبُّونَ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا سَكَنَ غَلَيَانُهُ شَرِبْتُمُوهُ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ - أَوْ إِنَّ أَحَدَهُمْ - لَيَضْرِبُ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيْفِ، قَالَ: وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ كَذَلِكَ، قَالَ: وَكُنْتُ أَخْبَأُهَا

حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: فَفِيمَ نَشْرَبُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: فِي أَسْقِيَةِ الْأَدَمِ، الَّتِي يُلَاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَرْضَنَا كَثِيرَةُ الْجِرْذَانِ، وَلَا تَبْقَى بِهَا أَسْقِيَةُ الْأَدَمِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ. قَالَ: وَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ.»


= لأثر كان في وجهه. وقوله: (الحلم والأناة) الحلم: العقل، والأناة: التثبت وترك العجلة، وإنما قال له النبي - - صلى الله عليه وسلم - - ذلك لأنهم لما وصلوا إلى المدينة، رموا بأنفسهم عن الركائب بباب المسجد، وتبادروا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلمون عليه، وتخلف الأشج عند الركائب حتى أناخها وجمع المتاع، وأخرج ثوبين أبيضين فلبسهما، ثم جاء هونا حتى سلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرد عليه وأجلسه إلى جانبه: فلما كلمهم قال: "تبايعون على أنفسكم وقومكم" قالوا: نعم، وقال الأشج: نبايعك على أنفسنا، ونرسل من يدعوهم فمن اتبعنا كان منا ومن أبى قاتلناه، قال: "صدقت، إن فيك خصلتين يحبّهما الله: الحلم والأناة".
٢٦ - قوله: (وذكر قتادة أبا نضرة عن أبي سعيد الخدري) معناه: أن قتادة حدث بهذا الحديث عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، كما أنه حدث عن عدد ممن لقي الوفد لكنه لم يسمهم، وسمى أبا نضرة عن أبي سعيد الخدري (جذع): أصل نخل أو شجر. (القطيعاء) بضم القاف وفتح الطاء وبالمد، نوع من التمر صغار (ليضرب ابن عمه بالسيف) معناه: أنه إذا شرب هذا الشراب سكر، فلم يبق له عقل، وهاج به الشر فيضرب ابن عمه الذي هو عنده من أحب أحبابه، وهذه مفسدة عظيمة، ونبه بها على ما سواها من المفاسد. قوله: (في أسقية الأدم الي يُلاث على أفواهها) أسقية جمع سقاء، وهو إناء يسقى فيه الماء واللبن وأمثالهما، والأدم - بفتحتين - جمع أديم وهو الجلد المدبوغ وقوله: (يلاث) بضم الياء بالبناء للمفعول أي يلف الخيط على أفواهها ويربط به (والجرذان) بكسر الجيم وضمها، لغتان، جمع جرذ، بضم ففتح كالصرد: نوع من الفأر.

<<  <  ج: ص:  >  >>