للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا، قَالَ: أَفْقَرَ مِنَّا فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَالَ: «بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ» - وَهُوَ الزِّنْبِيلُ - وَلَمْ يَذْكُرْ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ.

(٠٠٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، (ح) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ «أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَاسْتَفْتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ «أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، » ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.


= عامدًا عارفًا بالتحريم، لأن الهلاك والاحتراق مجاز عن العصيان المؤدي إلى ذلك، فكأنه جعل المتوقع كالواقع، وإذا تقرر ذلك فليس فيه حجة على وجوب الكفارة على الناس، وهو مشهور قول مالك والجمهور. وقال أحمد وبعض المالكية بوجوبه على الناس مثل العامد، والسياق يأباه (وقعت على امرأتي) وفي حديث عائشة: وطئت امرأتي (في رمضان) يعني نهارًا في حالة الصوم (رقبة) منصوب، بدل من "ما" في قوله: "ما تعتق" (قال: لا) وعند البزار: "وهل لقيت ما لقيت إلا من الصيام" وهذه الرواية تقتضي أن عدم استطاعته لصوم شهرين متتابعين إنما هو لشدة شبقه وعدم صبره عن الوقاع، فقيل: يعد هذا عذرًا، وأن صاحبه غير مستطيع لصوم الكفارة، (بعرق) بفتح العين والراء، هو الزنبيل الكبير. قال في النهاية: هو زنبيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور فهو عرق. ولم يعين في هذه الرواية ولا في شيء من طرق الصحيحين مقدار ما في المكتل من التمر. ووقع في رواية ابن أبي حفصة عند أحمد (٢/ ٥١٦) والدارقطني (ص ٢٥٢) والبيهقي (٤/ ٢٢٢): "فيه خمسة عشر صاعًا" وفي حديث علي عند الدارقطني (ص ٢٥١) بيان أنه المقدار الذي يقع به الكفارة، ففيه "تطعم ستين مسكينا، لكل مسكين مد". وفيه: "فأتى بخمسة عشر صاعًا، فقال: أطعمه ستين مسكينًا". وكذا في رواية حجاج عن الزهري عند الدارقطني (ص ٢٤٢) والبيهقي (٤/ ٢٢٦) في حديث أبي هريرة (أفقر منا؟ ) منصوب بنزع الخافض، أي أعلى أفقر منا؟ يعني أأتصدق على شخص أكثر حاجة مني ومن أهل بيتي (ما بين لابتيها) تثنية لابة بالباء الموحدة المفتوحة، وهي الحرة، أي الأرض ذات الحجارة السود الكثيرة. والضمير للمدينة، ولابتا المدينة حرتاها من جانبيها الشرقي والغربي (بدت أنيابه) أي ظهرت، والأنياب جمع ناب، وهو السن الذي بعد الرباعية. وهي أربعة (اذهب فأطعمه أهلك) ولابن إسحاق: خذها وكلها وأنفقها على عيالك. واستدل به على سقوط الكفارة عن المعسر، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمره بكفارة أخرى. ورد عليه بأنه لما أخبره بعجزه ثم أمره بإخراج العرق دل على أن لا سقوط عن العاجز، ولعله أخر البيان إلى وقت الحاجة، وهو القدرة. كذا قيل. وقد ورد ما يدل على إسقاط الكفارة أو على إجزائها عنه بإنفاقه إياها على عياله، وهو قوله: في حديث علي: "وكله أنت وعيالك، فقد كفر الله عنك" ولكنه حديث ضعيف لا يحتج بما انفرد به. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>