١٠٤ - قوله: (أسرد الصوم) أي أكثر الصوم بحيث أصوم عدة أيام متتابعًا، ويؤيد هذا المعنى أنه جاء في صحيح البخاري بلفظ "وكان كثير الصيام" فلا دلالة فيه على عدم كراهية صيام الدهر. ١٠٦ - قوله: (إني رجل أصوم) أي كثيرًا في الحضر. واستدل القائلون بعدم صحة صوم رمضان في السفر بهذا اللفظ وباللفظ الذي مضى في الحديث السابق أن السائل إنما سأل عن جواز صوم التطوع في السفر. قال ابن حزم في المحلى (٦/ ٢٥٣) حديث حمزة بيان جلي في أنه إنما سأله عليه السلام عن التطوع، لقوله في الخبر: "إني امرؤٌ أسرد الصوم" انتهى. قلت: الجواب عن هذا الاستدلال في الحديث التالي. ١٠٧ - قوله: (هي رخصة من الله) هذا يشعر بأنه سأل عن صيام الفريضة، وذلك لأن الرخصة إنما تطلق في مقابلة ما هو واجب. وأما قوله: "إني أسرد الصوم" فلبيان أنه متعود على كثرة الصوم، فلا يشق عليه إذا صام في السفر، فهو لبيان سبب عدم المشقة، لا لبيان نوعية الصوم، ومما يدل على ذلك صريحًا ما رواه أبو داود والحاكم من طريق محمد بن حمزة بن عمرو عن أبيه أنه قال: يا رسول الله! إني صاحب ظهور، أعالجه، أسافر عليه وأكريه، وأنَّه ربَّما صادفني هذا الشهر، يعني رمضان، وأنا أجد القوة، وأجدني أن أصوم أهون علي من أن أؤخره فيكون دينًا علي؟ فقال: أي ذلك شئت يا حمزة. انتهى.