١٩٦ - قوله: (فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) من أجل سؤاله، لأنه طلب بيان ما كان يخفيه ويختص به ربه، أو لأنه أراد التكلف في الاقتداء به فيما لم يؤمر فيه بالاقتداء، وعسى أن يذهب ذلك بالإخلاص، أو يعجز الرجل عنه فيما بعد. قيل: ويحتمل أنه خشي أن يعتقد السائل وجوبه، أو يستقله أو يقتصر عليه، وحاله يقتضي أكثر منه، فكان للسائل أن يقول: كم أصوم أو كيف أصوم؟ (يردد هذا الكلام) أي يكرره (ويطيق ذلك أحد؟ ) الواو للعطف على محذوف، أي أتسأل عن ذلك، وهل يطيق ذلك أحد؟ . ومعناه أنه يعجز عنه في الغالب، فلا يرغب فيه في دين سهل سمح (وددت) بكسر الدال، أي أحببت وتمنيت (أني طوقت ذلك) بتشديد الواو على بناء المفعول، أي جعلني الله مطيقًا له على الدوام، فلا ينافي أنه كان يصوم أكثر من ذلك، حيث كان يصوم أيامًا متتابعًا، بل كان يواصل الصيام، لأنه كان يفعل ذلك أحيانًا لا على الدوام (ثلاث من كل شهر) أي صيامها (ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله) أي في الفضيلة واكتساب الأجر، لأن الحسنة بعشر أمثالها فمن صام ثلاثة أيام من شهر فكأنه صام الشهر، ومن صام ثلاثة أيام من شهور السنة فقد صام السنة، فهذا صيام الدهر، وأما صيام رمضان إلى رمضان فيحتمل أن يكون صوم الدهر مع ست من شوال، لأن صوم رمضان بعشرة أشهر، وصوم ست من شوال بشهرين، ويحتمل أن يكون صوم رمضان وحده مساويًا لصيام الدهر، لأنه صوم فرض فيزيد ثوابه على صوم النفل (صيام يوم عرفة، أحتسب على الله) أي أرجو منه (أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) أي ذنوبهما. قال النووي: قالوا: المراد بالذنوب الصغائر، وإن لم تكن الصغائر يرجى تخفيف الكبائر، فإن لم تكن رفعت الدرجات. انتهى. والأصل في الكبائر أنها لا يكفرها إلا التوبة أو رحمة الله (وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) قال الحافظ في الفتح: ظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صوم عاشوراء. وقد قيل في الحكمة في ذلك: إن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة منسوب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلذلك كان أفضل. انتهى. ١٩٧ - قوله: (وببيعتنا بيعة) المراد بها البيعة على الإسلام أو على الهجرة والجهاد، والثاني أظهر، لأن الرضا بالإسلام قد تقدم ذكره (ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت أو أنزل على فيه) فهو يوم بدء نبوتي. يعني فهو أولى الأيام =