للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٦) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ «سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ: الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: مَرَّ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَعِظُ أَخَاهُ.

(٣٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا السَّوَّارِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَنَّهُ قَالَ: «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ، فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ: أَنَّ مِنْهُ وَقَارًا، وَمِنْهُ سَكِينَةً، فَقَالَ عِمْرَانُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صُحُفِكَ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، وَهُوَ ابْنُ سُوَيْدٍ، أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ حَدَّثَ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي رَهْطٍ مِنَّا وَفِينَا بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ، فَحَدَّثَنَا عِمْرَانُ يَوْمَئِذٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ، قَالَ: أَوْ قَالَ: الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ، فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: إِنَّا لَنَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ، أَوِ الْحِكْمَةِ، أَنَّ مِنْهُ سَكِينَةً وَوَقَارًا لِلهِ، وَمِنْهُ ضَعْفٌ، قَالَ: فَغَضِبَ عِمْرَانُ حَتَّى احْمَرَّتَا عَيْنَاهُ، وَقَالَ: أَلَا أُرَانِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُعَارِضُ فِيهِ، قَالَ: فَأَعَادَ عِمْرَانُ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَأَعَادَ


= كلها، وأن شيئًا من ذلك إذا نقص يعد الشجر ناقصًا، كذلك الإيمان له أصل، وهو الشهادة، ثم له فروع من أعمال القلوب - مثل الحب في الله والبغض في الله - والأحوال النفسية - مثل الحياء - وأعمال الجوارح - مثل الصلاة والزكاة وإماطة الأذى عن الطريق - يتم بها هذا الأصل، واذا نقص شيء منها يعد الإيمان ناقصًا، ونقصه لا يعني نفيه حتى ينتفي الأصل، وهو الشهادة. وأن الأصل إذا انتفى لا يعد شيء من أعمال القلوب، والأحوال النفسية وأعمال الجوارح من الإيمان.
٥٩ - قوله: (يعظ أخاه في الحياء) أي ينهاه ويمنعه عن كثرته ومراعاته، ومعظم ما يأتي مثل هذا الوعظ حينما يتردد الرجل في الأقدام على بعض ما يستهجن، مما يخالف المروءة والشرف ومكارم الأخلاق.
٦١ - قوله: (ومنه ضعف) أي من الحياء ما هو ضعف يفضي إلى الإخلال ببعض الحقوق، وترك المواجهة بالحق، ولاسيما مواجهة من يجله الرجل، وهذا الضعف الذي ذكره من الحياء ليس في الحقيقة من الحياء، وإنما هو عجز وخور ومهانة، وأخطأ صاحب الكتاب أو الحكمة الذي جعله من الحياء، فلا يصلح لأن يعارض به قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحياء خير كله". قوله: (حتى احمرتا عيناه) بصيغة التثنية - على لغة أكلوني البراغيث - ومثله قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: ٣] على أحد المذاهب، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار". وقوله: (إنه لا بأس به) أي إنه ليس من المبتدعين أو الزنادقة. وأما إنكار عمران وغضبه - رضي الله عنه - فلأن بشيرًا قال: ومنه ضعف، بعد سماعه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنه خير كله". وهذه معارضة ظاهرة، ولا يجوز ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>