للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَمَا شَأْنُ أَسْمَاءَ وَالزُّبَيْرِ قَدْ فَعَلَا ذَلِكَ، قَالَ: فَجِئْتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: فَمَا بَالُهُ لَا يَأْتِينِي بِنَفْسِهِ يَسْأَلُنِي أَظُنُّهُ عِرَاقِيًّا، قُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ كَذَبَ، قَدْ حَجَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ، فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا بِعُمْرَةٍ، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ أَفَلَا يَسْأَلُونَهُ؟ ! وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَأُونَ بِشَيْءٍ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ أَوَّلَ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ، وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ، لَا تَبْدَآنِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنَ الْبَيْتِ تَطُوفَانِ بِهِ، ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي: أَنَّهَا أَقْبَلَتْ هِيَ، وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ قَطُّ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا، وَقَدْ كَذَبَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ».

(١٢٣٦) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ.


= على حجه المفرد، ولم يجعله عمرة (أظنه عراقيًّا) لأنهم معروفون بالتعنت في المسائل (فإنه قد كذب) في نسبة الحل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أنه أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت) استدل به على اشتراط الطهارة للطواف من الحدث الأصغر والأكبر، ولا يتم الاستدلال به إلا بعد ضم قوله - صلى الله عليه وسلم - إليه: خذوا عني مناسككم، ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري. لأن النهي في العبادات يقتضي الفساد. وبه قال الجمهور، وخالفهم الحنفية فقال عامتهم بالوجوب وجبرانه بالدم، ومقصود عروة بيان أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت قبل الحج، ولم يحل بعد الطواف. وقد وقع في صحيح البخاري هنا بعد قوله: "ثم طاف بالبيت": "ثم لم تكن عمرة" يعني لم يحل عن إحرامه ذلك، ولم يجعلها عمرة. قوله: (لم يكن غيره) أي غير ما تقدم من الطواف، يعني لم يتحلل بعده من الإحرام، بل أقام على إحرامه حتى نحر هديه (ثم لم ينقضها بعمرة) أي لم ينقض فعلته تلك، وهو الإحرام ثم الطواف بعمرة، أي لم يجعلها عمرة يتحلل منها (وقد رأيت أمي وخالتي) أي أسماء وعائشة ابنتي أبي بكر رضي الله عنهما (وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي - إلى قوله: - فلما مسحوا الركن حلوا) يقال هذا بيان لما وقع لهم في حجة الوداع، ففيه شيء من الخلط والإجمال، وأن المعنى مع التفصيل أنهم كلهم أقبلوا بعمرة، فأما عائشة فلم تقدر على الطواف والسعي لأجل الحيض، فهي مستثناة من قولها: "فلما مسحوا الركن حلوا" وأما الزبير فقد كان ممن ساق الهدي فلم يحل بعد الطواف، وأما أسماء فإنها حلت بعد الطواف، وأما فلان وفلان فلم يعرف أسماؤهم، ولا ما حصل لهم، والأغلب أنهم أيضًا طافوا وحلوا. ولكن هذا المعنى يعود على عروة بن الزبير بنقض ما أراده من الرد على ذلك العراقي، وإثبات البقاء على الإحرام، وعدم الحل منه بعد الطواف، فإن هذا المعنى صريح في حلهم بعد العمرة، والذي يظهر لي أن هذا بيان لما بعد حجة الوداع أنه يريد نفي الحل، والعبارة بإيجاز تكون هكذا "وقد أخبرتني أمي أنهم أقبلوا بعمرة قط فحلوا" يعني لم يحصل لهم الحل بعد الطواف قط حين أقبلوا بعمرة مع الحج. وقوله: (فلما مسحوا الركن) المراد به الطواف بالبيت والفراغ منه، والركن هو الحجر الأسود، عبر بذلك لأن الطواف يبدأ بمسحه، ويمسح أيضًا بعد الفراغ من ركعتي الطواف (وقد كذب فيما ذكر من ذلك) أي من حلهم بعد الطواف.
١٩١ - قولها: (فلبست ثيابي) تريد ثياب الزينة التي كانت قد تركتها في حالة الإحرام (قومي عني) أمرها بذلك مخافة أن يبدر منه شيء ينافي الإحرام، لأن الزبير كان قائمًا على إحرامه (أتخشى أن أثب عليك) إنما قالت ذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>