للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعِيدٍ - يَعْنِي: ابْنَ مِينَاءَ - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي خَالَتِي - يَعْنِي: عَائِشَةَ - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ، فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابًا شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتِ الْكَعْبَةَ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: «لَمَّا احْتَرَقَ الْبَيْتُ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حِينَ غَزَاهَا أَهْلُ الشَّامِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ تَرَكَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، حَتَّى قَدِمَ النَّاسُ الْمَوْسِمَ يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ، أَوْ يُحَرِّبَهُمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْكَعْبَةِ: أَنْقُضُهَا، ثُمَّ أَبْنِي بِنَاءَهَا، أَوْ أُصْلِحُ مَا وَهَى مِنْهَا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنِّي قَدْ فُرِقَ لِي رَأْيٌ فِيهَا، أَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وَهَى مِنْهَا، وَتَدَعَ بَيْتًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَأَحْجَارًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا، وَبُعِثَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَوْ كَانَ


= الموجود من قبل (وبابًا غربيًّا) مقابل الباب الموجود (اقتصرتها) أي نقصتها من الكعبة من جهة الحجر (حيث بنت الكعبة) أي حين بنتها.
٤٠٢ - قوله: (لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية) وذلك أن عبد الله بن الزبير لم يبايع ليزيد بعد معاوية، بل التجأ إلى مكة، وأعلن نفسه حاكما، واتخذ مكة قاعدة له، فلما فرغ يزيد من أمر العراق والمدينة وجه جيشه إلى مكة للقضاء على ابن الزبير، فنصب الجيش المنجنيق، ورمى بأحجار أصاب بعضها الكعبة، وسبب في الحريق، فاحترق البيت وتخلخلت جدرانه وضعفت. وبينما القتال جار مات يزيد، فرجع جيش الشام، واستحكم أمر عبد الله بن الزبير (يريد أن يجرئهم) تفعيل من الجرأة، أي يشجعهم على قتال أهل الشام برؤية ما فعلوه بالكعبة المشرفة من الرمي والتحريق (أو يحربهم) من التحريب، أي يحملهم على الحرب ويحرضهم عليها ويؤكد عزائمهم على ذلك. وقيل: معناه يغضبهم على فعل أهل الشام. من حربت الأسد إذا أغضبته (فلما صدر الناس) أي رجعوا عن الحج إلى أوطانهم (قد فرق لي رأي فيها) فرق بضم الفاء وكسر الراء بالبناء للمجهول، أي كشف وبين. قال تعالى {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: ١٠٦] أي فصلناه وبيناه (ما وهى منها) أي ما ضعف وتخلخل منها (حتى يجده) بضم فكسر ثم دال مشددة ثم هاء الضمير. وفي بعض النسخ بدال أخرى بدل الهاء، أي يجعله جديدًا (فتحاماه الناس) أي اجتنبوا نقض البيت (أن ينزل. . . إلخ) أي خشية أن ينزل (أمر من السماء) من العذاب والهلاك من الله (فجعل ابن الزبير أعيدة فستر عليها الستور) بعد هدم الجدران لتقوم مقام الجدران، فيعرف موضع الكعبة، ويستقبلها المصلون (حتى ارتفع بناؤه) يعني فلما ارتفع بناؤه أزال تلك الستور (خمسة أذرع) وفي نسخة: (خمس أذرع) وفي الرواية السابقة: "ستة أذرع" وفي الرواية التالية: "سبعة أذرع" وليس بينها منافاة، إذ كان هذا تقديرًا تخمينيًّا. وإنما كان يظهر الضبط الدقيق بعد كشف الأسس والقواعد (حتى أبدى أسا) أي إنه حفر أرض الحجر بعد خمسة أذرع حتى ظهر أساس إبراهيم عليه السلام، فأظهره للناس حتى رأوه (وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعًا) أي ارتفاعها في جهة السماء كان بهذا المقدار (فلما زاد فيه) من جهة الحجر (استقصره) أي رأى ارتفاعه قليلًا وقصيرًا لا يناسب طول الكعبة وعرضها (فزاد في طوله عشرة أذرع) وفي نسخة: (عشر أذرع) أي زاد في علوه وارتفاعه إلى جهة السماء عشرة أذرع، فصار مجموع الارتفاع ثمانية وعشرين ذراعًا (وجعل له بابين) ملتصقين بالأرض، أحدهما في الجدار الشرقي، والآخر في الجدار الغربي (فلما قتل ابن الزبير) بعد ذلك بنحو تسع سنين، وذلك سنة ثلاث وسبعين، على أيدي جنود الحجاج بن يوسف في عهد عبد الملك بن مروان، وتم بذلك استيلاؤه على مكة (من تلطيخ ابن الزبير) أي تلويثه، يريد ما زاده ابن الزبير من الحجر، فكأنها أرض=

<<  <  ج: ص:  >  >>