٤٧٢ - قوله: (وجعل اثنى عشر ميلًا، حول المدينة، حمى) الحمى بكسر الحاء مقصورًا، هو ما يحميه السلطان من الأرض، فيكون محظورًا على غيره أن يصيد أو يرعى فيها أو يقطع شجرها ونباتها. فهو هنا بمعنى الحرم. وقد روى أبو داود من حديث عدي بن زيد ما يؤيد هذا المعنى. قال عدي: حمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل ناحية من المدينة بريدًا بريدًا، لا يخبط شجره ولا يعضد إلا ما يساق به الجمل. ولكنه حديث ضعيف، في إسناده سليمان بن كنانة، لم يعرفه أبو حاتم الرازي، ولم يذكره البخاري في تأريخه. وفي إسناده أيضًا عبد الله بن أبي سفيان، وهو في معنى المجهول، وقال في التقريب: إنه مقبول. ومعنى جعله "اثنى عشر ميلا حمى" أنه جعل الحمى بريدا في بريد - والبريد اثنا عشر ميلا - أي ستة أميال من جهة قبلتها، وستة أميال من جهة شاميها. وكذلك في المشرق والمغرب، فصار من القبلة إلى الشمال بريدا، ومن المشرق إلى المغرب بريدا، قال مالك: هذا حرم الشجر، أما حرم الصيد فهو ما بين لابتيها. والظاهر أنه لا فرق بينهما. فإن ما بين عير وثور بريدا، وما بين نقطة أحد الغربية ونقطته الشرقية بريدا، والخطان اللذان يخرجان من هاتين النقطتين يحددان ما بين اللابتين، وهذه حدود حرم المدينة. ومعناه أن حد حرم الشجر وحرم الصيد واحد لا فرق بينهما، وإنما اختلف التعبير فقط. ٤٧٣ - قوله: (جاءوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) إيثارًا له على أنفسهم، ورغبة منهم في دعائه - صلى الله عليه وسلم - (بارك لنا في ثمرنا) يالنماء والزيادة والبقاء (وبارك لنا في مدينتنا) من جهة سعتها وسعة أهلها (وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا) وقد استجاب الله دعاءه، فيكفي من ذلك في المدينة ما لا يكفي في غيره (أصغر وليد) أي مولود (له) يعني أصغر طفل من أهل بيته، وفي الحديث التالي "ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان" وللترمذي والموطأ "أصغر وليد يراه" وهو يفيد أنه كان يعطيه من يحضر، سواء كان من أهل بيته أو غيرهم.