٤٦ - قوله: (تزوج ميمونة وهو محرم) يعارضه ما في آخر هذا الحديث، وهو رواية الزهري عن يزيد بن الأصم "أنه نكحها وهو حلال" وكانت ميمونة خالة يزيد بن الأصم كما كانت خالة ابن عباس، وابن عباس كان إذ ذاك صغيرًا، ابن سبع سنين أو نحوه، فلم يكن أولى بعلم حالها من يزيد بن الأصم. ثم يعارض قول ابن عباس هذا ما روته ميمونه نفسها - وهي صاحبة القصة - أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوجها وهو حلال، ويعارضه أيضًا ما رواه أبو رافع - وكان سفيرًا بين رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وميمونة في هذه القصة - أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوج ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما. رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. قال ابن عبد البر: اختلفت الآثار في هذا الحكم، لكن الرواية أنه تزوجها وهو حلال جاءت من طرق شتى، وحديث ابن عباس صحيح الإسناد، لكن الوهم إلى الواحد أقرب من الوهم إلى الجماعة، فأقل أحوال الخبرين أن يتعارضا، فتطلب الحجة من غيرهما، وحديث عثمان صحيح في منع نكاح المحرم، فهو المعتمد. اهـ قال الأثرم: قلت لأحمد: إن أبا ثور يقول بأي شيء يدفع حديث ابن عباس - أي مع صحته - قال فقال: الله المستعان، ابن المسيب يقول: وهم ابن عباس، وميمونة تقول: تزوجني وهو حلال. اهـ وقيل: يجمع بين حديث عثمان وحديث ابن عباس بحمل حديث ابن عباس على أنَّه من خصائص النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقيل: المراد بقوله: "تزوج ميمونة وهو محرم" أي داخل الحرم أو في الشهر الحرام. قال الأعشى: "قتلوا كسرى بليل محرما" أي في الشهر الحرام. وقال آخر: "قتلوا ابن عفان الخليفة محرمًا" أي في البلد =