للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كُنْتُ رِدْفَ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَقَدَمِي تَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ قَالَ: فَأَتَيْنَاهُمْ حِينَ بَزَغَتِ الشَّمْسُ، وَقَدْ أَخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمْ، وَخَرَجُوا بِفُؤُوسِهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ وَمُرُورِهِمْ، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ. قَالَ: وَهَزَمَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ، فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَصْنَعُهَا لَهُ، وَتُهَيِّئُهَا، - قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: - وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا، وَهِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، قَالَ: وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيمَتَهَا التَّمْرَ وَالْأَقِطَ وَالسَّمْنَ، فُحِصَتِ الْأَرْضُ أَفَاحِيصَ، وَجِيءَ بِالْأَنْطَاعِ فَوُضِعَتْ فِيهَا، وَجِيءَ بِالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَشَبِعَ النَّاسُ، قَالَ: وَقَالَ النَّاسُ: لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا أَمِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ، قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ حَجَبَهَا، فَقَعَدَتْ عَلَى عَجُزِ الْبَعِيرِ، فَعَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَفَعْنَا. قَالَ: فَعَثَرَتِ النَّاقَةُ الْعَضْبَاءُ، وَنَدَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَدَرَتْ، فَقَامَ فَسَتَرَهَا، وَقَدْ أَشْرَفَتِ النِّسَاءُ، فَقُلْنَ: أَبْعَدَ اللهُ الْيَهُودِيَّةَ. قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ أَوَقَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِي وَاللهِ لَقَدْ وَقَعَ

(١٤٢٨) قَالَ أَنَسٌ: وَشَهِدْتُ وَلِيمَةَ زَيْنَبَ، فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَ يَبْعَثُنِي فَأَدْعُو النَّاسَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ، وَتَبِعْتُهُ فَتَخَلَّفَ رَجُلَانِ اسْتَأْنَسَ بِهِمَا الْحَدِيثُ، لَمْ يَخْرُجَا، فَجَعَلَ يَمُرُّ عَلَى نِسَائِهِ فَيُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، كَيْفَ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَيَقُولُونَ: بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ فَيَقُولُ: بِخَيْرٍ فَلَمَّا فَرَغَ رَجَعَ، وَرَجَعْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ إِذَا هُوَ بِالرَّجُلَيْنِ قَدِ اسْتَأْنَسَ بِهِمَا الْحَدِيثُ، فَلَمَّا رَأَيَاهُ قَدْ رَجَعَ قَامَا فَخَرَجَا، فَوَاللهِ مَا أَدْرِي


= الشمس) أي طلعت وأشرقت (بفؤوسهم) جمع فأس، آلة من حديد يشق بها الحطب أو تحمر بها الأرض (ومكاتلهم) جمع مكتل، بالكسر، وهو الزنبيل (ومرورهم) جمع مر بفتح الميم، وهو ما يكون نحو المجرفة وأكبر منها، ويقال لها المسحاة، تجرف وتزال بها الأرض لتسوية أطرافها، أو لصنع الجداول، أو ليجعل أحد أطراف المزارع منخفضا فيتحول إليه الماء أو لنحو ذلك. وقيل: المرور هنا الحبال، كانوا يصعدون بها إلى النخيل. يعني خرج اليهود لأعمالهم اليومية التي كانوا يعملونها في المزارع والنخيل، وهم في غفلة عن وجود الجيش الإسلامي، فلما رأوه بغتة فروا إلى بيوتهم، وصاحوا "محمد والخميس" (بسبعة أرؤس) جمع رأس والمراد به الفرد، يعني اشتراها بسبع جوار من السبايا (تصنعها) أي تزينها وتجملها على عادة العروس بما ليس بممنوع شرعًا (وتعتد في بيتها) أي في خيمتها، وعدتها هي استبراء الرحم بحيضة، إذا كانت مسبية، يعني فبقيت عند أم سليم حتى انقضت عدتها وحلت، فزفتها أم سليم إلى النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فحصت الأرض أفاحيص) بالبناء للمفعول، أي حفرت الأرض شيئًا يسيرًا ليجعل الأنطاع في المحفور، ويصب فيه السمن، فلا يخرج من الجوانب، والأفاحيص جمع أفحوص بوزن عصفور، وهو المحفور القليل الحفر، ومنه يقال لعش الطائر والقطا أفحوص، لأنَّ وسطه يكون نازلًا من الجوانب مثل الحفرة. والفحص الكشف (أم ولد) أي أمة اختارها للوطء، وأم الولد هي الأمة إذا ولدت من سيدها. وقالوا فيها ذلك تفاؤلًا بأنها سوف تلد (قالوا: إن حجبها ... إلخ) لأنَّ الحجاب يختص بالحرائر (على عجز البعير) أي في مؤخر الناقة، يعني خلف النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المحفة أو الهودج (دفع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أي أسرع السير شوقًا إلى المدينة وحبًّا لها (فعثرت الناقة العضباء) أي زلت، والعضباء في الأصل هي الناقة المشقوقة الأذن، وهي لقب ناقة النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم تكن مشقوقة الأذن. قيل: العضباء هي القصواء. وقيل: هي غيرها (وندر ... وندرت) أي سقط، والندور الخروج والانفراد، =

<<  <  ج: ص:  >  >>