للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ. قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَهُ، وَخَالِدٌ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَنَادَى يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَسْمَعُ هَذِهِ؟ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.»؟ !

(٠٠٠) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ، قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ حَرْمَلَةُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ: «أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّهُ وَاللهِ مَا مَعَهُ إِلَّا مِثْلُ الْهُدْبَةِ، وَأَخَذَتْ بِهُدْبَةٍ مِنْ جِلْبَابِهَا، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَاحِكًا، فَقَالَ: لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ

الْعَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، قَالَ: فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي: أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ»، بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ.


= الراء، منسوب إلى بني قريظة، وامرأته هي تميمة - مصغرًا أو مكبرًا - بنت وهب القرظية. (فبت طلاقي) ليس المراد به طلاق البتة المصطلح عليه عند الفقهاء، فإنه اصطلاح حادث، وإنما المراد به ما يفهم منه لغة وشرعًا، وهو أنه قطع طلاقي وأنهاه، ولم يترك منه شيئًا للمستقبل. وذلك بأنه طلق الطلاق الثالث والأخير الذي ليس بعده طلاق، لأنَّ المرأة تبين به بينونة مغلظة لا رجعة بعدها للزوج ولا له النِّكَاح المباشر بدون تخلل أحد، ويعين هذا المراد من البت روايات أخرى سيأتي بعضها (عبد الرَّحمن بن الزبير) بن باطا القرظي، والزبير بفتح الزاء وكسر الباء مكبرًا (وإن ما معه) "ما" موصولة أي إن الذي معه (مثل هدبة الثوب) هدبة بضم الهاء وسكون الدال، هو طرف الثوب الذي لَمْ ينسج، أرادت أن ذكره يشبه الهدبة في الاسترخاء وعدم الانتشار (حتى تذوقي عسيلته) تصغير عسل على أنَّه يذكر ويؤنث، أو على أنَّ المراد بها قطعة من العسل، والتصغير للتقليل، إشارة إلى أن القدر القليل منها كاف في تحصيل الحل، وذوق العسيلة كناية عن الجماع، تشبيهًا للذة الجماع بلذة العسل في الحلاوة والاستمتاع (وخالد بالباب) أي خالد بن سعيد بن العاص، كما في الحديث التالي (ما تجهر به) أي ما تنطق به جهرًا أمام سيد الأنبياء، وهو خليق بالإخفاء وعدم التكلم به، ولا سيما من النساء.
١١٢ - قولها: (فطلقها آخر ثلاث تطليقات) أي طلقها الطلاق الثالث والأخير من المطلقات الثلاث التي كان يملكها، ولازم ذلك أنه كان قد طلقها طلاقين قبل ذلك في أوقات أخرى، ومعناه أنه كان قد طلق هذه الطلقات الثلاث متفرقة في أوقات مختلفة، ولم يطلقها مجموعة في وقت واحد (من جلبابها) بكسر الجيم، واحد الجلابيب، وهو كساء تستتر به المرأة إذا خرجت من بيتها (ألا تزجر هذه ... إلخ) من الزجر وهو المنع والنهي مع الشدة في القول، قال ذلك خالد غيرة وحياء، ولم يمنعها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنَّها كانت في حاجة إلى بيان القضية والكشف عما =

<<  <  ج: ص:  >  >>