للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزَادَ ابْنُ رُمْحٍ فِي رِوَايَتِهِ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ لِأَحَدِهِمْ: أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا، وَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ، وَعَصَيْتَ اللهَ فِيمَا أَمَرَكَ مِنْ

طَلَاقِ امْرَأَتِكَ. (قَالَ مُسْلِمٌ: جَوَّدَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ: تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً).

(٠٠٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «طَلَّقْتُ امْرَأَتِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، أَوْ يُمْسِكْهَا، فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ. قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا صَنَعَتِ التَّطْلِيقَةُ؟ قَالَ: وَاحِدَةٌ اعْتَدَّ بِهَا.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ عُبَيْدِ اللهِ لِنَافِعٍ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى فِي رِوَايَتِهِ: «فَلْيَرْجِعْهَا»، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَلْيُرَاجِعْهَا.

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً


= النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر ابن عمر بأن يمسكها في ذلك الطهر فكيف يبيح له أن يطلقها فيه؟ (وان شاء طلق قبل أن يمس) استدل به على أن الطلاق في طهر جامع فيه حرام. وبه صرح الجمهور (فتلك العدة الي أمر الله أن يطلق لها النساء) في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أي في قبل عدتهن، يعني لاستقبال العدة، لا في العدة نفسها. وعلى هذا فإذا طلقها في طهرها استقبلت العدة من الحيضة الي تليه، فقد طلقها في قبل عدتها.
( ... ) قوله: (أما أنت طلقت) أي إن كنت طلقت (فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني بهذا) أي بالرجعة، وهي لا تكون إلا بعد مرة أو مرتين (وإن كنت طلقتها ثلاثًا فقد حرمت عليك) لم يقل هذا مستندًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل مستندًا إلى اجتهاده، وفيه تفصيل يأتي (جود الليث في قوله تطليقة واحدة) إذ أتقن ذلك وحفظه، ولم يتقنه غيره بل ظن أنه طلقها ثلاثًا.
٢ - قوله: (واحدة اعتد بها) وإليه ذهب العلماء كافة إلا ابن حزم ثم ابن تيمية وابن القيم، ثم وافقهم آخرون. وسيأتي في حديث رقم ٤ قوله: "فحسبت من طلاقها" وعند البخاري عن ابن عمر قال: "حسبت علي بتطليقة" واستدل به الجمهور على وقوع الطلاق في حالة الحيض والاعتداد به، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الآمر بالمراجعة، وهو المرشد لابن عمر فيما يفعل إذا أراد طلاقها بعد ذلك، وإذا أخبر ابن عمر أن الذي وقع منه حسبت عليه بتطليقة كان احتمال أن يكون الذي حسبها عليه غير النبي - صلى الله عليه وسلم - بعيدًا جدًّا، مع احتفاف القرائن في هذه القصة بذلك، وكيف يتخيل أن ابن عمر يفعل في القصة شيئًا برأيه. وهو ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تغيظ من صنيعه لأجل أنه لم يشاوره فيما يفعل في القصة المذكورة. وقد أخرج ابن وهب في مسنده عن ابن أبي ذئب أن نافعًا أخبره "أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، قال ابن أبي ذئب في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "وهي واحدة" قال ابن أبي ذئب: وحدثني حنظلة بن أبي سفيان أنه سمع سالمًا يحدث عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وأخرجه الدارقطني من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب وابن إسحاق جميعًا عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هي واحدة" وهذا نص في موضع الخلاف فيجب المصير إليه. وعند الدارقطني في رواية شعبة عن أنس بن سيرين عن ابن عمر في القصة: "فقال عمر يا رسول الله! أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم. ورجاله إلى شعبة ثقات. وعنده من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر "أن رجلًا قال: إني طلقت =

<<  <  ج: ص:  >  >>