للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبيه ليأذَنَ له في أخذِها، وكانَ في المَيسرَةِ، فقالَ له الأشعَثُ: إِنِّي أخافُ أن يتَّهِمَني أميرُ المؤمنينَ، ولكِن عليك بسَعيدِ بنِ قيسٍ، فإنَّه في المَيمَنةِ.

وكانوا قد منَعُوا أهلَ الشَّامِ تلك الأيامَ أن يدخُلوا عسكَرَ عليٍّ؛ لئلَّا يُفْسِدُوا عليهم، فأتَى ابنُ ذي الكَلاعِ مُعاويةَ فاستأْذَنَه في دخولِ عسكرِهم إلى سَعيدِ بنِ قيسٍ، فأذِنَ له، فلمَّا ولَّى، قالَ مُعاويةُ: لأنا أفرَحُ بمَوتِ ذي الكَلاعِ منِّي بمِصرَ لو فتحْتُها، وذلك أنَّه كانَ يُخالِفُه، وكانَ مُطاعًا في قومِه.

فأتَى ابنُ ذي الكَلاعِ سعيدَ بنَ قيسٍ فأذِنَ له في أبيهِ، فأتاه فوجَدَه قد رُبِطَ برِجلِه طُنبُ (١) فُسطاطٍ، فأتَى أصحابَ الفُسطاطِ فسلَّمَ عليهم، وقالَ: أتأْذنونَ في طنبٍ مِن أطنابِ فُسطاطِكم؟ قالوا: نعَم، ومعذرةً إليك، فلولا بغيُه علينا ما صنَعْنا به ما ترَونَ، فنزَلَ إليه وقد انتفَخَ، وكانَ عظيمًا جسيمًا، وكانَ مع ابنِ ذي الكَلاعِ أَسْوَدُ له فلم يَستطيعا رفعَه، فقالَ ابنُه: هل مِن مُعاونٍ؟ فَخَرَجَ إليه رجلٌ مِن أصحابِ عليٍّ يُدعَى الخِندَفَ (٢)، فقال: تنحُّوا، فقالَ ابنُ ذي الكَلاعِ: ومَن يرفَعُه؟ قالَ: يرفَعُه الذي قتَلَه، فاحتمَلَه حتى رمَى به على ظهرِ البغلِ، ثمَّ شدَّاه بالحبلِ وانطلَقَا به إلى عسكرِهم.

ويُقالُ: إِنَّ الذي قتَلَ ذا الكَلَاعِ حُريثُ بنُ جابرٍ، وقيلَ: قتَلَه الأشتَرُ.


(١) الطنب: حبل الخباء والسرادق ونحوهما. لسان العرب ١/ ٥٦٠ (ط ن ب).
(٢) في الأصل، ي، غ: "الخندق".