للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن نظر في سيرةِ أميرِ المؤمنين علي عليه السلام، عَلِمَ أنَّه لم يَسِرْ فيهم سِيرَةَ الكُفَّار، ولولا تأويلُهم عنده لكفَّرهم حين كذَّبوا ما عَلِموا منَ الدين، وهي مِنْ أقوى ما تمسَّكوا به، وهي من أقوى أدلَّة الزَيديَّة على من قال: إن النَّصَّ جليٌّ في إمامة عليٍّ عليه السَّلامُ، فتأمل ذلك.

وكذا مَنْ نظر إلى ظواهر من الأحاديث النَّبوية في لزوم الظَّاهر وترك العمل بالظَّنِّ فيما يتعلَّق بالسَّرائر، رجح القبول في بعضِ الأحاديث، مثل حديث أبي سعيد الخدري، قال بَعَثَ عليٌّ عليه السَّلامُ بِذُهَيْبَةٍ مِنَ اليمنِ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقسمها بَيْنَ أربعةٍ، فقال رجلٌ: يا رسول الله اتَّقِ اللهَ، فقال: " ويلك، أَو (١) لَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأرْضِ أنْ يتَّقِي الله؟ " ثم ولَّى الرَّجُلُ، فقال خالدُ بنُ الوليد: ألا أضرِبُ عنقه يا رسولَ الله؟ قال: لا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ يُصَلِّي قال خالدٌ: وكم من مصلٍ يقولُ بلسانه ما ليسَ في قلبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ (٢) قُلُوبِ النَّاسِ، ولا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ " (٣). رواه البخاري ومسلمٌ وله شواهدُ كثيرةٌ في معناه.

منها أنَّ مَنْ أقرَّ بالزِّنى، ثم أنكر، قُبِلَ منه (٤)، وفي كثيرٍ مِن


(١) في (ب): و.
(٢) سقطت من (ب).
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٥١) في المغازي، باب: بعث علي بن أبي طالب عليه السلام وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع، وسلم (١٠٦٤) في الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفتهم.
وقوله: " بذهيبة ": هو تصغير ذهبة، وكأنه أنثها على معنى الطائفة أو الجملة، وقال الخطابي: على معنى القطعة، وفيه نظر، لأنها كانت تبراً، وقد يؤنث الذهب في بعض اللغات، وفي معظم النسخ من مسلم " بذهبة " بفتحتين بغير تصغير. " فتح الباري " ٨/ ٦٨.
(٤) انظر " شرح السنة " الحديث (٢٥٨٤) و١٠/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>