للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الخطّابي (١): صوابه الأغلوطات، ولا يصِحُّ عنه، في إسناده مجهول، وله شاهدٌ عن أبي هريرة، رواه ابن الأثير في كتاب " جامع الأصول ".

وفي " صحيح البخاري " عن أنس: نُهينَا عَنِ التَّكَلُّف، وهو يشهد لمعناه، وكذلك حديث " هَلَكَ المُتنَطَّعُونَ " يشهد لمعناه (٢)، وهو متّفق عليه، وقد كره ذلِكَ أهلُ العلم، بَلْ ثَبَتَ عن كثيرٍ مِنَ الصَّحابة، والسَّلف كراهية الفتوى في المسألة قبل وقوعها، وكان زيدُ بنُ ثابت لا يُفتي حتَّى يحلِف السَّائلُ بالله تعالى أنَّ ما سأل عنه قد وقع، وممَّن ذكر ما ورد من كراهية ذلك، وتقصَّى الآثار: ابنُ السُّني (٣) في كتابه.


= وهي نادرةُ الوقوع جداً، فيصرف فيها زماناً كان صرفه في غيرها أولى، ولا سيَّما إن لزمَ من ذلك إغفالُ التوسع في بيانِ ما يكثر وقوعه.
وأشدُّ من ذلك في كثرة السؤال البحثُ عن أمورٍ غيبيةٍ وَرَدَ الشرعُ بالإيمان بها مع تركِ كيفيتها، ومنها ما لا يكونُ له شاهد في عالم الحسِّ كالسؤالِ من وقت الساعة، وعن الروح، وعن مدةِ هذه الأمة إلى أمثال ذلك مما لا يُعْرَفُ إلا بالنقلِ الصَّرف، والكثيرٌ منه لم يثبت فيه شيءٌ، فيجبُ الإِيمان به من غير بحث ...
(١) نص كلام الخطابي في " معالم السنن " ٤/ ١٨٦: والأُغلوطات: واحدها أغلوطة وزنها أُفعولة، من الغلط، كالأُحموقة من الحمق، والأسطورة من السطر، فأما الغُلوطات، فواحدُها غَلوطةٌ، اسم مبني من الغلط كالحَلُوبة، والرَّكُوبة من الحَلْب والرُّكوب. والمعنى: أنه نهى أن يُعترضَ العلماء بصِعَابِ المسائل التي يكثُرُ فيها الغلطُ ليستزلُّوا بها، ويستسقط رأيهم فيها.
(٢) من قوله: " وكذلك " إلى هنا سقط من (ب).
(٣) هو الحافظُ الثقة أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الدينوري المعروف بابن السني صاحب كتاب " عمل اليوم والليلة "، وراوي " سنن النسائي " ومختصره، المتوفى سنة ٣٦٤ هـ. ولم يذكر المؤلف -رحمه الله- اسم الكتاب الذي ذكر فيه ما ورد من كراهية الفتيا وتقصي الآثار في ذلك، وليس شيء من ذلك في كتابيه " عمل اليوم والليلة " و" المجتبى " مختصر سنن النسائي، ويغلب على الظن أنَّه وهم من المؤلف، وأن الذي ذكر ذلك هو الإِمام الكبير الحافظ أبو محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي المتوفى =

<<  <  ج: ص:  >  >>