للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك في ترجمة بُسْرِ بنِ أرطاة في " الاستيعاب " (١).


= و (٦٥٢٥) و (٦٥٢٦)، ومسلم (٢٨٦٠)، والترمذي (٢٤٢٣)، والنسائي ٤/ ١١٧، وأحمد ١/ ٢٣٥ و٢٥٣، والطيالسي (٦٦٣٨) من حديث ابن عباس قالَ: قام فينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خطيباً بموعظة فقال: " يا أيُّها الناسُ، إنكم تُحشرون إلى الله حُفَاةً عُراةً غُرْلاً {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ألا وإنّ أولَ الخلائقِ يُكْسى يومَ القيامة إبراهيمُ عليه السلام، ألاَ وإنَّه سَيُجاءُ برجالٍ من أمتي، فيُؤخَذُ بهم ذات الشِّمالِ، فأقولُ: يا ربِّ، أصحابي، فيقال: إنك لا تَدري ما أحدثوا بعدَك، فأقول كما قال العبدُ الصالحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} قال: فيقالُ لي إِنَّهم لم يَزَالُوا مُرتدينَ على أعقابهم منذُ فارقتهم ".
وفي الباب عن ابن مسعود عند البخاري (٥٠٥٥)، وأحمد ١/ ٣٨٤ و٤٠٢، وابن ماجه (٣٠٥٧).
قال الحافظ في " الفتح " ١١/ ٣٨٥: قوله: " فيقولُ اللهُ: إنَّكَ لا تَدْري ما أحْدَثُوا بعدَكَ " في حديث أبي هريرة المذكور: " إنَّهم ارتَدُّوا على أدبارهمْ القَهْقرَى "، وزاد في رواية سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أيضاًً: " فيقول: إنَّك لا علمَ لك بما أحدثوا بعدَك، فيقال: إنَّهم قد بَدَّلُوا بعدَك، فأقول: سُحْقاً سُحْقاً " أي: بُعْداً بُعْداً، والتأكيد للمبالغة،
وفي حديث أبي سعيد في "باب صفة النار" أيضاً: " فيقال: إنك لا تَدْري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سُحْقاً سُحْقاً لمن غَيَّر بعدي "، وزاد في رواية عطاء بن يسار: " فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم "، ولأحمد والطبراني من حديث أبي بكرة رفعه: " لَيرِدَنَّ عليَّ الحوض رجالٌ ممن صحبني ورآني "، وسنده حسن. وللطبراني من حديث أبي الدرداء نحوه، وزاد: " فقلت: يا رسول الله، ادعُ الله أن لا يجعَلَني منهم، قال: لَسْتَ منهم "، وسنده حسن.
وقوله: " قال: فيقالُ: إنَّهم لم يزالوا مرتدين على أعقابِهم ": وَقَع في رواية الكشميهني: " لن يزالوا "، ووقع في ترجمة مريم من أحاديث الأنبياء، قال الفِرَبْري: ذكر عن أبي عبد الله البخاري عن قَبيصة قال: هم الذين ارتدُّوا على عهد أبي بكر، فقاتلهم أبو بكر، يعني حتى قتلوا وماتوا على الكفر، وقد وَصَلَه الإسماعيلي من وجهٍ آخرَ عن قَبيصَة.
وقال الخطابيُّ -ونقلَهُ عنه البغويُّ في " شرح السنة " ١٥/ ١٢٣ - ١٢٤ - : لم يرتدَّ من الصحابةِ أحَدٌ، وإنما ارتَدَّ قومٌ من جُفَاةِ الأعراب مِمَّن لا نصرةَ له في الدينِ، وذلك لا يوجبُ قدْحاً في الصحابة المشهورين، ويدلُّ قولُه: " أصيحابي " بالتصغير على قلةِ عددهم. وقالَ غيرُهُ: قيل: هو على ظاهرِهِ من الكفر، والمرادُ بأمتي أمةُ الدعوةِ لا أمة الإجابة. ورجَّحَ بقوله في حديث أبي هريرة " فأقولُ بُعْداً لهم وَسُحْقاً "، ويؤيده كونُهُم خَفِيَ عليه حالُهُم، ولو كانوا من أمةِ الإجابةِ، لعرفَ حالهم بكون أعمالهم تعرض عليه.
(١) ١/ ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>