للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسَّبب في وَهْمِ السيدِ -أيَّده الله- في هذه المسألة: أنّه رآهم لا يُفَسِّقُون مَنْ أظهر التَّأويلَ مِمَّن حاربَ أميرَ المؤمنين عليه السّلامُ مِمَّن يَعُدُّونَه صحابِيّاً، ولا شكَّ أنَّهم يقولون ببغيِ مَنْ حاربَ عليّاً عليه السَّلام، كما رواه القرطبي عنهم الجمبع في " تذكرته " (١)، ورواه غيرهُ منهم كما سيأتي.

وأمَّا قولُهم بتأويلهم، فقد مرَّ الكلامُ عليه قريباً، وممَّا يدخلُه التَّأويل بالإجماع: قتالُ المسلمين وبعضِ الأئِمَّة، والبغيُ عليهم، والدخولُ في الفتن كما فعلت الخوارج، والنواصب، والرَّوافض، ومَنْ لا يأتي عليه العَدُّ.

فإذا عرفتَ هذا، فاعلم أنَّ الناس اختلفوا في مَنْ تأوَّل فيما ليس مِنَ المعلوم تحريمُه بالضَّرورة عند الجميعِ على ثلاثةِ أقوال:

القول الأول: أنَّ التّأويل لا يمنع مِنَ التَّأثيم مطلقاً، وسواء كان في الظَّنيَّات أو في القطعيَّات (٢)، وهذا مذهبُ الأصَمِّ وغيره.

القول الثاني: على العكس، وهو أنَّ التأويل يُسْقِط الِإثمَ والعِقَابَ، سواءٌ كان في الظَّنيَّات أو في القطعيَّات، إلاّ أنَّه (٣) فرَّق بينهما، فإن التِّأويل في القطعيَّات لا يخْرِجُ الفعل عَنِ القبح، ووجوبِ كراهَتِه، وتحريمِ الرِّضى به، ووجوبِ النَّهْي لمرتكبه، ومنعِه منه إنْ أمكنَ ذلك، والتَّأويلُ في الظَّنِّيَّات يُثَابُ فاعله، ويُرضى به، ولا يُنهى عنه، واختلفوا في التَّصويب.


(١) ٢/ ٥٤٥ - ٥٤٧.
(٢) في (ب): القطعيات أو في الظنيات.
(٣) في (ش): إذ لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>