للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنَّ المحدِّثين ما خالفونا في هذه المسألة إلاَّ في هذا، وأنَّ مذهبنا ومذهبَهم في عدالة الرُّواة واحدٌ إلاَّ (١) قدرَ أربعة أو خمسة، أو قريبٍ مِنْ ذلك، قد ذكرتهم (٢) في هذا الكلام المقدَّم.

القول الثالث: مذهبُ الأكثرين مِنَ الأئِمَّة، وجماهيرِ علماءِ الأُمَّةِ، وهو التَّفصيل، والقولُ بأنَّ التَّأويل في القطعيات لا يمنعُ الكفر أو (٣) الفِسْق أوِ التَّأثيم، وأمَّا التَّأويل في الظَّنِّيَّات، فيمنع ذلك كلَّه، وُيوجِبُ التَّصويبَ أو المثُوبة، فإذا عرفتَ هذا، تبيَّنَ لك أنَّ القوم ما خالفوا إلا فيما يدخله التَّأويلُ مِنَ الكبائر، وهو ما أمكن أن يَصِحَّ دعوى بعضُ النَّاس جهله، وإنْ كان عند غيره معروفاً.

والفرقُ بَيْنَ ما يدخلُه التَّأويلُ مِن الكبائر، وبَيْنَ جميع الكبائر (٤) معلومٌ بالضرورة لِكلِّ عاقلٍ، فإنَّ الشِّرك بالله، وعبادةَ اللاَّت، ونِكَاح الأخوات والأُمَّهات، وتركَ الصَّوم والصلوات من الكبائر (٥)، فإنْ كان السَّيِّدُ يعتقدُ في أهل الحديث أنَّ مذهبهُمْ عدالَةُ مَنِ ارتكبَ هذه الفواحش العظام (٦)، وكذَّبَ الرُّسلَ الكِرَامَ عليهم السَّلامُ، لكونه رأي النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الدُّخول في الإسلام، فهو أجَلُّ مِنْ أن يقولَ بهذا الكلام أو ينسبَه إلى أحدٍ مِنَ الأنام، وإن كان لا يعتقدُ ذلك فيهم، فما هذا الذي أعشى (٧) بصر


(١) في (ش): إلا في.
(٢) في (ب): فذكرتهم.
(٣) في (ش): و.
(٤) عبارة: " وبين جميع الكبائر " ساقطة من (ش).
(٥) كتب فوق كلمة " الكبائر " في (ش): " التي لا يدخلها التأويل ".
(٦) ساقطة من (ش).
(٧) في (ب): "أغشى"، وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>