للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذكر جملة كبيرة (١) من كلامه، فإنَّه طوَّله ونوَّعه (٢)، واحتجَّ وتأوَّل، حتَّى بلغ كلامه في ذلك ستِّين ورقة أو يزيد قليلاً، أو ينقص قليلاً بحسب اختلافه فيه. ومِنْ كلامه فيه ما لفظُه: أجمع المسلمون على عِصمة الأنبياء مِنَ الفواحش، والكبائرِ الموبقات، ومستندُ الجمهورِ في ذلك الإجماعُ، وهو مذهبُ القاضي أبي بكر، ومنعها غيرُه بدليلِ العقل مع الإجماع، وهو قولُ الكافة، واختاره (٣) الأستاذُ أبو إسحاق. وكذلك لا خلافَ أنَّهم معصومون من كِتمان الرِّسالة، والتَّقصيرِ في التَّبليغ، وذكر الإجماع على عصمتهم من الصَّغيرة الَّتي تؤدِّي إلى إزالة الحِشْمَةِ، وتُسْقِطُ المروءة، وتُوجِب الخَسَاسَة، قال: بل يلحق بهذا ما كان مِنْ قبيل المُباحِ، فأدَّى إلى مثله ممَّا يُزري بصاحبه، ويُنَفِّرُ القلوبَ عنه، ثمَّ إنَّ القاضي ذكر في المتن الاختلاف في عصمتهم قَبْلَ النُّبُوَّةِ حتى قال: والصَّحيحُ تنزيههم من كُلِّ عيب، وعصمتُهم من كلِّ ما يُوجِبُ الرَّيْبَ، فكيف والمسألة تصوُّرُها كالممتنع؟ فإنَّ المعاصي، والنَّواهي (٤) إنَّما تكون بعد تَقَرُّر (٥) الشَّرع، وذكر عصمتهم قبلَ هذا عَنِ الصَّغائر، واختاره، واحتجَّ عليه، وأطال القولَ (٦).

إذا عرفتَ هذا، فَلْنَذْكُرِ الذِي أوجب الوهمَ في هذا (٧)، بَلِ الَّذِي أوجب التَّسَاهُل فيه، وذلك أمران:


(١) في (ش): كثيرة.
(٢) في (ش): نَوَّعه وطوله.
(٣) تحرفت في (ب) إلى: " ومنعه ".
(٤) في (ش): " المناهي ".
(٥) في (ش): تقرير.
(٦) انظر " الشفا " ٢/ ١٤٦ فما بعد.
(٧) " في هذا " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>