للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي عن حذيفة أنَّه تكلَّم في نفاقه. رواه الشِّعبي، وقال: حدثناهم بغضب أصحاب محمد فاتخذوه ديناً (١).

وعندي أنَّ هذا لا يقدح في روايته، فحذيفةُ -وإن كان صاحبَ العِلْمِ بالمنافقين- إلا أنَّه -من غير شكٍّ- ما أخذ العلم بالمنافقين إلاَّ مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قد (٢) قال في أبي موسى: " إنَّهُ مسلمٌ منيبٌ " رواه مالك بن مغول وغيرُه عن ابنِ (٣) بريدة، عن أبيه بريدة (٤) عنه - صلى الله عليه وسلم - (٥).


(١) أخرجه يعقوب بن سفيان في " تاريخه " ٢/ ٧٧١ ومن طريقِ ابنِ عساكر ٥٣٨ عن ابن نمير، حدثني أبي، عن الأعمش، عن شقيق قال: كنا مع حذيفة جلوساً، فدخلَ عبدُ الله، وأبو موسى المسجدَ، فقال: أحدُهما منافق، ثم قال: إن أشبهَ الناسِ هَدْياً ودَلاً وسَمْتاً برسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله.
وأورد الإمامُ الذهبيُّ في " السير " ٢/ ٣٩٤ في ترجمة أبي موسى، وعقب عليه بقوله: ما أدري ما وجهُ هذا القولِ، سَمِعَهُ عبد الله بن نمير منه (أي: من الأعمش) ثم يقول الأعمش: حدثناهم بغضبِ أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فاتَّخذوهُ ديناً.
فقولُ المؤلفِ -رحمه الله-: " رواه الشعبي " وهمٌ منه، صوابُه الأعمش.
ثم قال الذهبيُّ: قال عبدُ الله بن إدريس: كانَ الأعمشُ به ديانةٌ من خشيته. قلت (القائل الذهبي): رُمي الأعمشُ بيسير تشيعٍ، فما أدري.
قلت: رجالُ السندِ ثقاتٌ، فإن صَحَّ هذا الخبرُ عن حذيفة، ولا إخالُه يصح، فإنه قد أخْطأَ في حَقَِ هذا الصحابي الجليل الذي استعملَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هو ومعاذ بن جبل على اليمنِ، وولي للخليفتين عمر وعثمان، وشَهِدَ له فضلاء الصحابة بوفور عقله، واستقامة سيرته، وورَعِه، وفضلِه، على أن قول الأعمش يُفهم منه أن حذيفةَ إنما قالَ ذلك في حالة الغضبِ التي يقول فيها الإنسان كلاماً لا يعتقد أحقيتَه إذ رُوجِعَ حينَ يسكت عنه الغضبُ، ولا يتعلق بما يقالُ في مثل هذه الحالة إلا الذين في قلوبهم مرضٌ.
(٢) من قوله: " ورسول الله " إلى هنا ساقط من (ب).
(٣) في (ش): " أبي "، وهو تحريف.
(٤) " عن أبيه بريدة " ساقطة من (ش).
(٥) أخرجه أحمد ٥/ ٣٤٩، والبغوي في " شرح السنة " (١٢٥٩)، وإسناده صحيح، من طريق عثمان بن عُمر الضبي، حدثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا مالك بن مِغْول، حدثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: دخلتُ مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المسجدَ ويدي في يده، فإذا رجلٌ =

<<  <  ج: ص:  >  >>