للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أوضح (١) الأدلَّةِ على هذا (٢): أنَّه كان يُفتي، و (٣) يقضي في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبلدتِه في حياته، وبَعْدَ وفاته، وقد ولاَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - اليَمَنَ، وولَّاه على (٤) القضاءِ في اليمن، ولو كان منافقاً لم يُوَلِّه ذلك، ولا يتركُه يُفتي، فقد كانت حال (٥) المنافقين معروفةً في زمانه عليه السلامُ، وكانوا أحقرَ منْ أنَّ يُؤتَمَنُوا على قضاء المسلمين، وفتياهم، وولايتهم (٦). ولو كان منافقاً، لاغتنم الفُرصة حين حكَّمه عليٌّ عليه السَّلامُ، ولبايع معاويةَ على ما شاء، وقبِلَ (٧) منه ذلك العطاء، ولو كان كذلك، لما اختار عبدَ الله بن عمر للخلافة، فعبدُ الله بن عمر كان من أهل التَّحرِّي، والمنافقُ لا يحبُّ إلاَّ أهل الفُسوق والجُرأة.

وقد روى ابن بطَّال في " شرح البخاري " في الكلام على الخوارج:

أنَّ عليَّاً عليه السلام سُئل عنهم: أكفَّارٌ هم؟ فقال: مِنَ الكُفر فرُّوا، قيل له: فمُنافِقُون؟ قال: المنافقون لا يذكرون اللهَ إلاَّ قليلاً، وهم يذكرون


= يُصَلِّي يقول: اللهُمَّ إني أسألُكَ بأنك أنت اللهُ، الواحدُ، الأحدُ، الصمدُ، الذي لم يَلِدْ ولم يُولدْ، ولم يكن له كُفُواً أحدٌ، قال: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعِيَ به أجاب " فلمَّا كانت الليلةُ الثانية دخلتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجدَ، قال: فإذا ذلك الرجلُ يقرأُ، قال: فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أتُراه مُرائياً " ثلاث مرات، قال: فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " بل هو مؤمنٌ منيبٌ، عبدُ اللهِ بن قيس، أو أبو موسى أُوتيَ مِزْماراً من مزامير آل داود " قال: قلتُ: يا نبي الله، ألا أبَشِّرُهُ؟ قال: " بلى "، فبشرتُه، فكان لي أخاً.
(١) في (ش): أصح.
(٢) " على هذا " ساقطة من (ش).
(٣) في (ش): أو.
(٤) لم ترد في (ش).
(٥) في (ش): حالة.
(٦) في (ش): وولاتهم.
(٧) في (ش): ولقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>