للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِسلام في الخوارج، وكثير (١) من أهل البدع؛ لأنَّ مبنى الرِّواية على ظنِّ الصِّدق، وعدم التُّهمة بتعمُّدِ الكَذِبِ ونحو ذلك.

وممَّا يُعْرَفُ به صدقُه وُيمْتَحَنُ به حالُه: تتَبُّع أحاديثه كلِّها، والنَّظرُ فيما فيها كما مرَّ في أحاديثِ معاوية، وهل هي منكراتٌ مشتمِلة على ما لم يَرْوِه غيرُه مِنَ الثِّقات أم لا؟، كما هو عادةُ المحدثين، فاعتبرْ ذلك إنْ شئت، والله الموفق.

ولكن لا يَصْلُحُ لذلك إلا أئِمَّةُ الحديث الَّذين يعرفون ما انفرد به ممَّا رواه غيرُه، فإنْ كنتَ منهم، فانتقد واجتهد، وإن لَمْ تكُنْ منهم، فتعلَّم وتفهَّم تَسْتَفِدْ، وهذا مِنْ علوم الحديث هو النَّوعُ المسمى بالتَّتبُّع والاعتبار، ومِنْ مواضع الغلطِ فيه أن يقدح على الرَّجل بما رُوي عنه ممَّا لم تتحقَّقْ صحَّتُه عنه (٢). فاعْرِفْ ذلك.

ولمَّا قَرُبَ موتُه، اجتهد في العبادة اجتهاداً شديداً، فقيل له: لو أمسكتَ ورفقت بنفسك؟ فقال: إنَّ الخيل إذا أُرْسِلَتْ، فَقَارَبَتْ رأسَ مجراها، أخرجت جَميعَ ما عندها، والَّذي بَقِيَ مِنْ أجلي أقلُّ مِنْ ذلك (٣).

وبالجملة، فلم نعلم (٤) أحداً من المنافقين استمرَّ على الإِسلام مِنْ


(١) سقطت الواو من (ب).
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ص ٥٣٤، ونقله الذهبي في " السير " ٢/ ٣٩٣.
(٤) ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>