للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوَّلِ النُّبُوَّة إلى عام أوطاس (١)، فالمنافقُ يَنجُمُ نفاقُه أيَّامَ ضعفِ الإِسلام، وإنَّما كان كما رُوِيَ عن عليٍّ عليه السلام: صُبغَ في العِلْمِ صبغة، ثمَّ خرج منه، رواه عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن عليٍّ عليه السلام (٢)، فخُروجه مِنَ العلم بِمَا فعل مِنْ خلعه لأميرِ المؤمنين، فإنه لا يخلع أمير المؤمنين عالِمٌ. نسألُ اللهَ السلامة والعافية، وربَّما أرادَ حذيفةُ نفاقاً دونَ نفاقٍ، فقد ثبت في " صحيح البخاري " من حديث ابن عمر أنَّ ناساً قالُوا: إنَّا ندخُلُ على سلطاننا (٣)، فنقول لهم بخلاف ما نتكلَّمُ به إذا خرجنا مِن عندهم، قال ابنُ عمر: كنَّا نَعُدُّ هذا نفاقاً على عهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (٤).

ويَعْضُدُه (٥) ما رواه البخاري أيضاً من حديث أنسٍ: إنَّكم لتعملون


(١) وهو العام الثامن من الهجرة، وكان ذلك بعد فتح مكة، وهي غزوة حنين. وأوطاس وحُنين موضعان بين مكة والمدينة، فسميت الغزوة باسم مكانها، وتُسمى غزوة هَوازن أيضاً، لأنهم الذين أتوا لقتالِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انظر الخبر عن هذه الغزاة في ابن هشام ٢/ ٤٣٧ - ٥٠٠، وابن سعد ٢/ ١٤٩ - ١٥٨، و" زاد المعاد " ١/ ٣، و" شرح المواهب " ٣/ ٥ - ٢٨.
(٢) أخرجه يعقوب بن سفيان في " تاريخه " ٢/ ٥٤٠ من طريق عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، حدثنا الأعمش، حدثني عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال: سُئل علي عن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: عن أيِّهم تسألوني؟ قالوا: عن عبد الله، قال: علم القرآن، وعلم السنة، ثم انتهى وكفي به علماً، فقالوا: أخبرنا عن أبي موسى؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: صُبغ في العلم صبغاً، قالوا: أخبرنا عن حذيفة؟ قال: أعلمُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمنافقين، قالوا: حدثنا عن أبي ذر؟ قال: وَعَى علماً عجز عنه، قالوا: حدثنا عن سلمان؟ قال: عن لقمان الحكيم تسألوني، عَلِمَ عِلْمَ الأولى والآخرة، بحراً لا يدرك قعره، وهو منّا أهلَ البيت، قالوا: حدثنا عن نفسك؟ قال: كنت إذا سئلتُ أعطيتُ، وإذا سكت ابتدأت.
(٣) في (ش): سلاطيننا.
(٤) أخرجه البخاري (٧١٧٨) في الأحكام، باب: ما يكره من ثناء السلطان، وإذا خرج قال غير ذلك.
(٥) في (ش): يعضده أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>