للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتضعيفِ ما وافق مذاهبهم (١) مِنَ الأحاديث الضعيفة، وتصحيحِ ما وافق مذاهب (٢) خصومهم مِنَ الأحاديث الصَّحيحة، وتوثيقِ خلائِقَ لا يُحْصَوْنَ مِنْ خصومهم، وجرح مثلهم في الكثرة أو أكثرَ منهم مِنْ أهل مذهبهم، حتَّى تكلَّمَ أبو داوود على ولده، وقال: هو كذَّابٌ (٣)، مع أنَّه لم يُعْرَفْ بشيْءٍ مِنْ ذلك، حتَّى قيل: إنَّه أراد في غيرِ الحديث، وكتبُوا قولَه هذا، ولم يكتُموه، ومَنْ حكم عليهم بالتُّهمة لهم قبل الإمكان في النَّظر في مصنَّفاتهم في الجرح والتَّعديل، وكيفيَّة التَّصحيح، فقد ظلمهم، والله يُحِبُّ الإنصافَ، ولقدِ اجتمعت كلمتُهم على تعظيم النََّسائي، وهو من أكابِرِ الشِّيعة، حتَّى قال الذّهبي في كتابه " النُّبلاء " (٤): إنَّه أعرفُ بالحديثِ من أبي داوود، والتِّرمذي، ومسلم، وإنَّه جارٍ في مِضمار البخاري، وأبي زرعة. وأعجبُ مِنْ هذا: اعتمادُهم على كتاب " النَّسائي " في الجرح والتعديل، وقَبولُهم منه لجرح جماعةٍ مِنْ أهل مذهبهم، ما ذلك (٥) إلا لإِنصافهم حين عرفوا مِنَ النَّسائي -رحمهُ اللهُ- المعرفة التَّامَّةَ بالفن (٦)، وأنَّه في جرحه وتعديله مستقيمٌ على صراط العارفين، غيرُ عامل بالأهواء في رُواة حديث سيَّد المرسلين.

وكذلك قد شحنوا الصِّحاح بحديث أهلِ الصِّدق مِنَ الشِّيعة، والمعتزلة كما تقدَّم بيانُه، وذِكْرِ عدد كثيرٍ بأسمائهم مِمَّنْ وثَّقوه مِنْ


(١) في (ش): مذهبهم.
(٢) في (ش): مذهب.
(٣) قال الإمام الذهبي في " السير " ١٣/ ٢٣١: لعل قول أبيه فيه -إن صح- أراد الكذب في لهجته، لا في الحديث، فإنه حجة فيما ينقله، أو كان يكذب ويوري في كلامه، ومن زعم أنَّه لا يكذب أبداً، فهو أرعن، نسأل الله السلامة من عثرة الشباب، ثم إنَّه شاخ وارعوى، ولزم الصدق والتقى.
(٤) ١٤/ ١٣٣.
(٥) في (ش): ذاك.
(٦) ساقطة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>