للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك أثنى عليهم مَنِ اتَّصفَ بالإِمامَة في علم الحديث مِنَ الشِّيعة، والمعتزلة كالحاكم أبي عبد الله، والنّسائي، وابن عقدة (١)، والسَّمَّان (٢)، ومَنْ لا يحصى مِنْ هذا الضَّرب، واستمدُّوا مِنْ معارفهم، وسلكوا مسالِكَهُم، وصاروا تلامِذَةً لِمَنْ تقدَّمهم مِنْ عُلماءِ أهلِ السُّنَّة (٣) في الحديث، وشيوخاً لمَنْ بعدهم، فعليك أيُّها المنصفُ (٤) بمطالعة " علوم الحديث " للحاكم صاحب " المستدرك " على أنَّه منْ كبارِ الشِّيعة، ولا سيما النوع (٥) الموفي عشرين منه، والنوع التاسع والأربعين منه أيضاًً.

ومِنَ العجب أنَّ منْ ذمَّ الحديثَ وأهلَه منَ المعتزلةِ، وأهلِ الكلام لم يَسْتَغْنِ عنهم، وإن حَاد عَنِ التَّصريح بالرِّواية عنهم، نزل إلى من يستمدُّ منهم، فأخذ عنه، وعن من لا يقاربهم في الإتقان، وما أَحْسَنَ قولَ القائلِ في نحو هذا:

أقِلُّوا عليهم لا أبا لأبيكم ... مِنَ اللَّوْمِ أو سُدُّوا المَكَانَ (٦) الَّذي سَدُّوا (٧)


(١) هو أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني، الحافظ، العلامة، أحد أعلام الحديث، ونادرةُ الزمان، وصاحبُ التصانيف على ضعف فيه، وهو المعروفُ بالحافظ ابنِ عُقدةَ، تُوفي سنة ٣٣٢ هـ. له ترجمة حافلة في " السير " ١٥/ ٣٤٠ - ٣٥٥.
(٢) هو الإمام الحافظ البارع المتقن أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين الرازي السمان، المتوفى سنة ٤٤٥ هـ. مترجم في " السير " ١٨/ ٥٥ - ٦٠.
(٣) في (ب): من محدثي الشيعة من علماء أهل السنة.
(٤) في (أ) و (ب): المصنف.
(٥) " النوع " ساقطة من (ش).
(٦) في (ش): " الطريق "، وكتب فوقها: " المكان " على الصواب.
(٧) هو للحطيئة جرول بن أوس بن مالك العبسي، المتوفى سنة ٤٥ هـ، وهو في " ديوانه " ص ٢٠، و" الكامل " للمبرد ١/ ٣٤٠، و" الخصائص " لابن جني ١/ ٣٤٥. وقد تقدم تخريجه في ٢/ ١٠٤. =

<<  <  ج: ص:  >  >>