للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشابهة المخلوقات جميعها (١).

قلت: يعني أنّه لا يلزم من الوقف في تفسير آياتِ الصِّفات عَدَمُ الجزمِ بأنّ الله تعالى لا يمَاثِلُ شيئاً منَ المخلوقات، وذلِكَ لأن قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} [الشورى: ١١] من المُحْكَمَاتِ.

وقد ترك الشيخ سؤالاً مشهوراً للمتكلمين، وهو: أنَّه يجب في حكمة الله أن لا يُخَاطبَنَا بما لا نَعْرِفُ معناه، وقد أُجِيبَ عن ذلك بأمورٍ كثيرة تأتي إن شاء اللهُ تعالى في آخر هذا الكتابِ عندَ الكلام على التَّأويل، فلا نطولُ بذكره ها هُنا، ومِنْ أخصرها وأحلاها أنَّهم إن أرادوا أنّ الله تعالى لا يُخَاطبُنَا بما لا نفهم منه شيئاً البتة، لا جملةً ولا تفصيلاً، فمسلَّمٌ ولا يَضُرُّ تسليمه؛ لأنّا لم نحتج إلى القولِ به، وإن أرادوا أنّه لا يجوز أن يُخَاطِبَنا بما لا نفهمه تفصيلاً، وإن فهمناه جملةً فممنوع (٢)، فإنه قد ورد في كتاب الله تعالى مِمَّا يجب علينا الإيمانُ به، ذكر ما لا يُفْهَمُ إلا جملةً، وذلِكَ أمورٌ عديدة.

منها: معرفتُهُ سبحانه والإِيمانُ به، ولا يَصِحُّ إلا جملةً، كما قال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: ١١٠].

ومنها: ملائكتُه، وكتُُُبه، ورسُلُه على العموم، والدار الآخرة، ولو لم يصحَّ ذلك، لم يصح إيمان العجمي ببلاغة القرآن وإعجازه، ولا إيمان (٣) العاميِّ بالمتشابه، ولوجب على عوامِّ المسلمين أن يكونوا منَ الرَّاسخين، وعلى الرَّاسخين أن لا يتوقَّفُوا في معنى شيءٍ مِنْ كتاب ربِّ


(١) في (ش): جميعاً.
(٢) في (ش): ممنوع.
(٣) في (ب): والإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>