للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متصرِّفٌ في ذات الله تعالى بالظنِّ، أو في مراده بكلامه، وفيه حظر، وإباحةُ ذلك لا تعرف إلاَّ بالنَّصِّ أو الإجماع، ولم يَرِدْ شيءٌ من ذلك، بل ورد قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم}.

فإن قيل: يدلُّ على جواز الظَّنِّ ثلاثة أمورٍ:

الأوَّل: الدَّليل الذي دلَّ على إباحة الصِّدق، وهو صادق، فإنَّه لا يُخْبِرُ إلا عن ظَنِّهِ، وهو ظانٌّ.

الثّاني: أقاويل المفسِّرينَ في القرآن بالظَّنَ، إذ كلُّ ما قالوه غير مسموعٍ مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل مُستنبَطٌ بالاجتهاد ولذلك كَثُرتِ الأقاويلُ فيه، وتعارضت.

والثَّالث: إجماعُ التابعين على نقل الأخبارِ المتشابهةِ (١) الَّتي نقلها أجِلاَّء الصَّحابة، ولم تتواتر، وما اشتملت عليه الصِّحاحُ مِنَ الذي نقله العدلُ عَنِ العدلِ، فإنَّهم جوَّزوا روايتَه، ولا يَحْصُلُ بقولِ العدلِ إلا الظَّنُّ.

فالجوابُ (٢) عن الأول: أن المُباحٍ صدق لا (٣) يُخشى فيه ضررٌ، وبث هذه الظُنونِ لا يخلو عَنْ ضررٍ، لأنَّه يحكم (٤) في صفاتِ اللهِ تعالى بغير علم، وهو خطر، فالنُّفوس نافِرَةٌ عَنْ أشكال الظَّواهر، فإذا وجدتَ مستروحاً مِنَ المعنى -ولو مظنوناً- أخْلَدْت إليه، ورُبَّما يكونُ غلطاً،


(١) في (ش): " عن المتشابه "، وهو خطأ.
(٢) في (ب): والجواب.
(٣) في (ش): ولا.
(٤) في (ب): تحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>