قال الحافظ في " الفتح " ١٣/ ٢٥٣: أخرجه أبو نعيم بمعناه من طريق إبراهيم بن الجنيد عن الشافعي، وجاء عن الشافعي أيضاً ما أخرجه البيهقي في " مناقبه " ١/ ٤٦٨ - ٤٦٩ قال: المحدثات ضربان: ما أحدث يخالف كتاباً، أو سنة، أو أثراً، أو إجماعاً، فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئاً من ذلك، فهذه محدثة غير مذمومة. وأورده شيخ الإسلام في " درء تعارض العقل " ١/ ٢٤٩، وقال: رواه البيهقي بإسناده الصحيح في " المدخل ". وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح، عن مجاهد، عن ابن عمر إنه قال إنها (أي: صلاة الضحى) لمحدثة، وإنها لمن أحسن ما أحدثوا. وروى ابن أبي شيبة ٢/ ٤٠٦ بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج، عن الأعرج قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى، فقال: بدعة، ونعمت البدعة. وروى عبد الرزاق (٤٨٦٨) بإسناد صحيح عن سالم، عن أبيه قال: لقد قتل عثمان، وما أحد يسبحها، وما أحدث الناس شيئاً أحب إلي منها. وقال ابن الأثير في " النهاية " ١/ ١٠٦: وفي حديث عمر رضي الله عنه في قيام رمضان: " نعمت البدعة هذه " البدعة بدعتان: بدعة هُدى، وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فهو في حيِّز الذم والإنكار، وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحضَّ عليه الله أو رسوله، فهو في حيز المدح. وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف، فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعل له في ذلك ثواباً، فقال: " من سنَّ سنَّة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها "، وقال في ضده: " ومن سنَّ سنة سيئة، كان عليه وزرُها، ووزر من عمل بها " وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه: " نعمت البدعة هذه " لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح، سمَّاها بدعة ومدحها، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسنها لهم، وإنما صلاها ليالي، ثم تركها ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر رضي الله عنه جمع الناس عليها، وندبهم إليها، فبهذا سمَّاها بدعةً، وهي على الحقيقة سنَّة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين من بعدي "، وقوله: " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " وعلى هذا التأويل يُحمل الحديث الآخر: " كل مُحدثةٍ بدعة " إنما يريدُ ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة، وأكثر ما يستعمل المبتدع عُرفاً في الذَّمِّ. وقال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " ص ٢٥٢ تعليقاً على قوله - صلى الله عليه وسلم -: " وكل بدعة ضلالة ": والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعاً، وإن كان بدعة لغة ...